للمحقق الشيخ علي الكركي لا تلميذا له. وان الشيخ علي الكركي لما توجه إلى حضرة السلطان من ديار العرب أول مرة كان الأمير جمال الدين هذا صدرا فحصل بينهما مودة في الظاهر واتفقا على أن يقرأ الكركي عليه أسبوعا في شرح القوشجي بشرط أن يقرأ هو أيضا على الكركي أسبوعا في قواعد العلامة، وقدم نوبة التدريس لنفسه بحجة ان الساعة النجومية لا تساعد في هذا الأسبوع الا على الشروع في علم الكلام فلما قرأ عليه الكركي دروسا من الأمور العامة ودخل الأسبوع الثاني تمارض السيد عن حضور درس القواعد ليصدق تلمذ الكركي عليه من غير عكس، ويقال ان هذه الواقعة كانت للكركي مع الأمير غياث الدين منصور المقدم ذكره اه. (أقول) قد اعتاد الكثيرون نقل أمثال هذه الحكايات في حق أفاضل العلماء، ولسنا نطمئن بصحة أمثالها ولو صحت لكانت إلى القدح أقرب منها إلى المدح على أنها من الأمور التافهة كما لا يخفى، ولم يستبعد صاحب الروضات كون المترجم هو السيد جمال الدين عبد الله بن محمد بن أحمد الحسيني النيسابوري الذي ذكره صاحب طبقات النحاة. ونقل عن ابن حجر أنه قال في حقه. كان بارعا في الأصول والعربية درس بالأسدية بحلب، وكان أحد أئمة المعقول حسن الشيبة يتشيع مات سنة 776 بناء على تصحيف تسعمائة بسبعمائة (وأقول) ما نفى عنه البعد كالمقطوع بفساده فهذا اسمه عبد الله ولقبه جمال الدين كان مدرسا بحلب وتوفي سنة 776 وذاك اسمه جمال الدين، ولو كان اسمه عبد الله ولقبه جمال الدين لذكر، وكان بلاد العجم فما الذي جاء به إلى حلب، وكان حيا سنة 929.
السيد جمال الدين ابن السيد نور الدين علي بن علي بن الحسين بن أبي الحسن الموسوي العاملي الجبعي وأبوه أخو صاحب المدارك.
توفي سنة 1098 في حيدرآباد الدكن من بلاد الهند.
في أمل الآمل: السيد جمال الدين ابن السيد نور الدين علي بن علي بن أبي الحسن الموسوي العاملي الجبعي عالم فاضل محقق مدقق ماهر أديب شاعر كان شريكنا في الدرس عند جماعة من مشايخنا سافر إلى مكة وجاور بها ثم إلى مشهد الرضا عليه السلام ثم إلى حيدرآباد وهو الآن ساكن بها مرجع فضلائها وأكابرها اه. وذكره في روضات الجنات في آخر ترجمة السيد جمال الدين الحسيني الجرحاني وقال إنه ابن السيد نور الدين أخي صاحب المدارك لأبيه وصاحب المعالم لامه من شركاء درس شيخنا الحر العاملي كان يدور في البلاد غالبا وله أشعار كثيرة اه وذكره ابن أخيه السيد عباس بن علي بن نور الدين الحسيني الموسوي العاملي المكي في رحلته التي سماها (نزهة الجليس ومنية الأديب الأنيس المطبوعة بمصر) فقال على عادة ذلك العصر في التسجيع: امام الأفاضل ودرة تاج السادة الأماثل عين ذوي البلاغة واللسن صاحب الذكر الجميل والثناء الحسن السيد جمال الدين بن نور الدين بن أبي الحسن فاضل له في سائر العلوم الباع الأطول وهمام عليه في كل المهمات المعول ان تكلم في سائر العلوم شنف المسامع وأحيى القلوب أو لفظ إلى ساحله جواهر الألفاظ شهد له بأنه بحر البلاغة الجوهري وأقر له ابن يعقوب و أما في النظم والنثر فإليه يشار بالأكف بين بلغاء العصر تغرب عن وطنه مكة المشرفة إلى الهند حيث لا ليلى ولا سعاد ولا هند ثم أقام بالدكن واختارها مقرا وسكن وما زال بها مقيما بعز وسؤدد وجاه ومكان مكين في جانب سلطانها أبي الحسن قطب شاه يقصده العفاة من كل مكان فيعمهم بالفضل والاحسان وما برح في دولة ورياسة واكرام وكرم يخجل قطر الغمام إلى أن دعاه إلى قربه رب العباد فنقله إلى الجنة من حيدرآباد اه وذكره المحبي في خلاصة الأثر فقال:
السيد جمال الدين بن نور الدين بن أبي الحسن الحسيني الدمشقي الأديب الشاعر الذي كان الطف أبناء وقته دماثة خلق وخلق وحسن معاشرة لطيف الصحبة شهي النكتة والنادرة قرأ بدمشق وحصل وحضر مجلس العلامة السيد محمد بن حمزة نقيب الاشراف فأخذ عنه من المعارف ما تنافست عليه به الآراء ثم هاجر إلى مكة وأبوه ثمة في الاحياء فجاور بها مدة ثم دخل اليمن أيام الإمام أحمد بن الحسن فعرف حقه من الفضل وراجت عنده بضاعته ثم فارق اليمن ودخل الهند فوصل إلى حيدرآباد وصاحبها يومئذ الملك أبو الحسن فاتخذه نديم مجلسه وأقبل عليه بكليته وهذا الملك كما بلغني في هذا العصر الأخير من أفراد الدنيا وفور كرم وميلا للأدب وأهله فأقام عنده في بلهنية عيش وصفاء عشرة حتى طرقت أبا الحسن النكبات من طرف سلطان الهند الأعظم السلطان محيي الدين محمد الشهير بارونك زيب وقبض عليه وحبسه وأحسب انه إلى الآن لم يزل محبوسا هناك فانقلب الدهر على السيد جمال الدين فبقي مدة في حيدرآباد وقد ذهب انسه إلى أن مات كما أخبرني بذلك اخوه روح الأدب السيد علي بمكة المشرفة حرسها الله تعالى اه وفي بغية الراغبين انه قرأ على أبيه وجماعة وروى عن أبيه وعن جده لأمه الشيخ نجيب الدين واختار السياحة فأقام مدة بدمشق ثم ارتحل إلى مكة المعظمة وأبوه ثمة بها علم اعلامها ثم دخل اليمن ثم ارتحل إلى مشهد الرضا عليه السلام ثم ارتحل إلى الهند فدخل حيدرآباد فأرجع اليه الملك أبو الحسن كافة الشيعة في مملكته وكان هذا السلطان كريما ميالا إلى العلم وأهله مخلصا لأهل البيت عليهم السلام وذريتهم فأقام عنده أعز مقام حتى قبض عليه مفتتح عام 1083 اه.
وفي أمل الآمل: له شعر كثير من معميات وغيرها وله حواش وفوائد كثيرة ومن شعره قوله:
قد نالني فرط التعب * وحالتي من العجب فمن اليم الوجد في * جوانحي نار تشب ودمع عيني قد جرى * على الخدود وانسكب وبان عن عيني الحمى * واستحكمت أيدي النوب يا ليت شعري هل ترى * يعود ما كان ذهب يفدي فؤادي شادنا * مهفهفا عذب الشنب بقامة كأسمر * بها النفوس قد سلب ووجنة كأنها * جمر الغضا إذا التهب وقوله من قصيدة يمدح بها عمي الشيخ محمد بن الحر:
سوى حر تملك رق قلبي * هواي به منوط والضمير وباب القول فيه ذو اتساع * تضيق بعد أيسره السطور وقوله من قصيدة يمدحه أيضا:
فتى أضحى لكل الناس ركنا * لدفع ملمة الخطب المهول شديد البأس ذوي رأي سديد * جبان الكلب مهزول الفصيل وقوله من ابيات كتب بها إلي:
سلام كمثل الشمس في رونق الضحى * تؤم علاكم في مغيب ومطلع فأوله نور لديكم مشعشع * وآخره نار بقلبي وأضلعي وقوله من أبيات كتب بها إلي:
أبث من الأشواق ما لو تجسمت * لضاق بأدنى بعضها كل فدفد