وقال لي إذا حارب أصحابي بالسلاح فحارب أنت بالكلام (اه) قال وأخرجه الخطيب البغدادي عن أبي تمام بالسند السابق (اه) (أقول) لم أجده في تاريخ بغداد للخطيب.
مراثيه في مروج الذهب رثاه الشعراء بعد وفاته والأدباء من اخوانه وفي أخبار أبي تمام للصولي قال علي بن الجهم يرثيه:
غاضت بدائع فطنة الأوهام * وعدت عليها نكبة الأيام وغدا القريض ضئيل شخص باكيا * يشكو رزيته إلى الأقلام وتأوهت غرر القوافي بعده * ورمى الزمان صحيحها بسقام اودى مثقفها ورائض صعبها * وغدير روضتها أبو تمام وقال الحسن بن وهب يرثيه ببيتين رواهما الخطيب في تاريخ بغداد وقال ابن خلكان قيل إنهما لديك الجن وفي شذرات الذهب عن ابن الأهدل انهما لأبي نهشل بن حميد الذي ولاه الموصل (اه) وفيه اشتباه من وجهين (أولا) انه لم يل الموصل وانما ولي بريدها (ثانيا) ان الذي ولاه بريدها الحسن بن وهب لا أبو نهشل.
فجع القريض بخاتم الشعراء * وغدير روضتها حبيب الطائي ماتا معا فتجاورا في حفرة * وكذاك كانا قبل في الأحياء ورثاه أيضا الحسن بن وهب بقوله كما في أخبار أبي تمام للصولي:
سقى (سقت بالموصل القبر الغريبا * سحائب ينتحبن له نحيبا إذا أظللنه أطلقن فيه * شعيب المزن منبعقا يتبعها) شعيبا ولطمت البروق به خدودا * وشققت الرعود به جيوبا فان تراب ذاك القبر يحوي * حبيبا كان يدعى لي حبيبا ظريفا شاعرا فطنا لبيبا * أصيل الرأي في الجلى أريبا إذا شاهدته رواك مما * يسرك رقة منه وطيبا فقدنا منك علقا لا ترانا * نصيب له مدى الدنيا ضريبا أبا تمام الطائي إنا * لقينا بعدك العجب العجيبا وكنت أخا لنا تدني الينا * صميم الود والنسب القريبا وكانت مذحج تطوى علينا * جميعا ثم تنشرنا شعوبا فلما بنت نكرت الليالي * قريب الدار والأقصى الغريبا وأبدى الدهر أقبح صفحتيه * ووجها كالحا جهما قطوبا فاحر بأن يطيب الموت فيه * واحر بعيشه أن لا تطيبا ورثاه محمد بن عبد الملك الزيات وزير المعتصم وهو حينئذ وزير رواه الخطيب في تاريخ بغداد والصولي في أخبار أبي تمام وقال ابن خلكان وقيل إنهما لعبد الله بن الزبرقان الكاتب مولى بني أمية:
نبأ أتى أعظم الأنباء * لما ألم مقلقل الأحشاء قالوا حبيب قد ثوى فأجبتهم * ناشدتكم لا تجعلوه الطائي وقال محمد بن عبد الملك الزيات أيضا يرثيه كما في أخبار أبي تمام للصولي.
ألا لله ما جنت الخطوب * تخرم من أجبتنا حبيب فمات الشعر من بعد ابن أوس * فلا أدب يحس ولا أديب وكنت ضريب وحدك يا ابن أوس * وهذا الناس أخلاق ضروب لئن قطعتك قاطعة المنايا * لمنك وفيك قطعت القلوب وقال عبد الله بن أبي الشيص كما في اخبار أبي تمام للصولي.
أصبح في ضنك من الأرض * أكثر في الأرض من الأرض من عرض ذكراه ومن طولها * كالأرض ذات الطول والعرض أكرم بملحود يدانى إلى * وجهك يا ابن الكرم المحض ما من حبيب لابن أوس أسى * يجمع بين الجفن والغمض حار ذوو الآداب إذ فوجئوا * منه بيوم غير مبيض انتقض الابرام من عمر من * كان أبا الابرام والنقض طود من الشعر دعا بعضه * بعضا فهد البعض بالبعض بحر من الشعر له جائش * ملتطم باللؤلؤ البض كأنما الشعر شعار له * أو ورق في غصن غض لما أتم الله فيك الذي * أملت من بسط ومن قبض رماك رام للمنايا وما * آذن عند الرمي بالنبض لو كان للشعر عيون بكت * لكوكب للشعر منقض وقال ابن أبي الشيص أيضا كما في اخبار أبي تمام للصولي قال الصولي ووجدته بخط ابن مهرويه.
يا حفرة الطائي اي امرئ * أثويت منه في ثرى الرمس شعاره أنت ولم تشعري * بأنه أشعر ذي نفس كم بين اثنائك من حكمة * كانت شفاء النفس بالأمس وقال الصولي في اخبار أبي تمام أنشدني أبو الغوث لأبيه (1) يرثي أبا تمام ودعبلا ومات دعبل بعد أبي تمام وكان صديق البحتري.
قد زاد في كلفي (حزني) وأوقد لوعتي * مثوى حبيب يوم مات ودعبل وبقاء ضرب الخثعمي وشبهه * من كل مضطرب القريحة مهمل أهل المعاني المستحيلة إن هم * طلبوا البداعة والكلام المعضل (2) أخوي لا تزل السماء مخيلة * تغشا كما بحيا مقيم مسبل (3) جدث على (لدى) الأهواز يبعد دونه * مسرى النعي ورمة بالموصل وروى الصولي في اخبار أبي تمام لأحمد بن يحيى البلاذري يرثي أبا تمام ويهجو أبا مسلم بن حميد الطوسي.
أمسى حبيب رهن قبر موحش * لم تدفع الاقدار عنه بأيد لم ينجه لما تناهى عمره * أدب ولم يسلم بقوة كيد قد كنت أرجو ان تنالك رحمة * لكن أخاف قرابة ابن حميد وحكى ابن خلكان في تاريخه انه سئل شرف الدين محمد بن عنين عن معنى قوله:
سقى الله دوح الغوطتين ولا ارتوى * من الموصل الحدباء الا قبورها لم حرمها وخص قبورها فقال لأجل أبي تمام.
هذا ما تيسر لنا جمعه من سيرة أبي تمام بعد ما بذلنا جهودا كثيرة وأوقاتا طويلة وثمينة وأعملنا الفكر وأجهدنا النفس وأسهرنا الطرف في البحث والتنقيب والتمحيص وتصفحنا الكتب الكثيرة والاسفار المتنوعة في