الوقوف على الديار والتسليم عليها وذكر أقوالها وتعفيها وما يشبه ذلك وهذا قد تقدم طرف منه في أوائل القصائد والموازنة بينه وبين البحتري فأغنى عن اعادته ومن محاسنه في ذكر الالمام بالديار قوله.
دار أجل الهوى عن أن ألم بها * في الركب إلا وعيني من منائحها ومن ذلك قوله من قصيدة مر جملة منها:
دمن كأن البين أصبح طالبا * دينا لدى آرامها وحقودا قربت نازحة القلوب من الجوى * وتركت شأو الدمع فيك بعيدا خضلا إذا العبرات لم تبرح لها * وطنا سرى قلق المحل طريدا قوله إذا العبرات لم تبرح لها وطنا أي لم تبارح وطنها وتتعداه وهو كناية عن البكاء للحوادث التي تحدث في الوطن يقول إذا كان الناس لا يبكون الا لما يحدث في أوطانهم فهو يبكي الاطلال النازحة عنه وهذا كقوله:
فما وجدت على الأحشاء أبرد من * دمع على وطن لي في سوى وطني أراد بالوطن الذي له في غير وطنه الأطلال والرسوم وفي الديوان أو قد بدل أبرد.
التشوق إلى الأوطان وقال يتشوق إلى دمشق وبلاد الشام ويخص وطنه الأصلي أرض الجولان ويصف تقتير الرزق عليه بمصر من قصيدة:
سقى الرائح الغادي المهجر بلدة * سقتني أنفاس الصبابة والخبل سحاب إذا القت على خلفه الصبا * يدا قالت الدنيا أتى قاتل المحل فجاد دمشقا كلها جود أهلها * بأنفسهم عند الكريهة والبذل فلم يبق في أرض النفاعين (1) بقعة * وجاد قرى الجولان بالمسبل الهطل بنفسي أرض الشام لا أيمن الحمى * ولا أيسر الدهنا ولا أوسط الرمل عدتني عنكم مكرها غربة النوى * لها وطر في أن تمر ولا تحلي أخمسة أحوال مضت لمغيبه * وشهران بل يومان ثكل من الثكل توانى وشيك النجح عنه ووكلت * به عزمات أوقفته على رجل قضى الدهر مني نحبه يوم قتله * هواي بارقال الغريرية الفتل لقد طلعت في وجه مصر بوجهه * بلا طالع سعد ولا طائر سهل وساوس آمال ومذهب همة * مخيمة بين المطية والرحل نايت فلا ما لا حويت ولم أقم * فامتع إذ فجعت بالمال والأهل بخلت على عرضي بما فيه صونه * رجاء اجتناء الجود من شجر البخل ولو أنني أعطيت بأسي نصيبه * إذن لاخذت الحزم من مأخذ سهل وكان ورائي من حريمة طئ * ومعن ووهب عن امامي ما يسلي التغرب عن الأوطان سلي هل عمرت القفر وهي سباسب * وغادرت ربعي من ركابي سباسبا وغربت حتى لم أجد ذكر مشرق * وشرقت حتى قد نسيت المغاربا وكنت امرأ القى الزمان مسالما * فآليت لا ألقاه إلا محاربا الحث على الاغتراب ما أبيض وجه المرء في طلب الغنى * حتى يسود وجهه في البيد وزعمت أن الرزق يطلب أهله * لكن بحيلة متعب مكدود وقال:
ولكنني لم أحو وفرا مجمعا * ففزت به إلا بشمل مبدد ولم تعطني الأيام نوما مسكنا * ألذ به إلا بنوم مشرد وطول مقام المرء في الحي مخلق * لديباجيته فاغترب تتجدد فاني رأيت الشمس زيدت محبة * إلى الخلق أن ليست عليهم بسرمد قال الثعالبي في خاص الخاص أحسن ما قيل في الحث على الاغتراب البيتان الأخيران (اه) وقال من قصيدة.
من أبن البيوت (2) أصبح في ثوب * من العيش ليس بالفضفاض والفتى من تعرقته (3) الليالي * في الفيافي كالحية النضناض صلتان (4) أعداؤه حيث كانوا * في حديث من عزمه مستفاض الحبيب الأول والمنزل الأول قال:
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى * ما الحب إلا للحبيب الأول كم منزل في الأرض يألفه الفتى * وحنينه أبدا لأول منزل وقال ديك الجن في عكسه:
نقل فؤادك حيث شئت فلن ترى * كهوى جديد أو كوصل مقبل ما لي أحن إلى خراب مقفر * درست معالمه كأن لم تؤهل الخمريات قال من قصيدة:
أغدو على صحب كأن وجوههم * سرج تزاهر أو نجوم سماء وقديمة قبل الزمان حديثة * جاءت وما نسبت إلى آناء روح بلا جسد تعين بلا قوى * وقوى خلقن حفية من ماء حتى إذا فطمت وحان وصالها * حجب الرقيب مصونها بوعاء فإذا فضضت فضضت عن مختومة * ترنو إليك بدرة حمراء قتلتك وهي صريعة وبديعة * ان قيل ميت قاتل الأحياء وقال من قصيدة:
بمدامة تغدو المنى لكؤوسها * خولا على السراء والضراء راح إذا ما الراح كن مطيها * كانت مطايا الشوق في الأحشاء عنبية ذهبية سبكت لها * ذهب المعاني صاغة الشعراء طبعت وراض المزج سئ خلقها * فتعلمت من حسن خلق الماء خرقاء يلعب بالعقول حبابها * كتلاعب الافعال بالأسماء وضعيفة فإذا أصابت فرصة * قتلت كذلك قدرة الضعفاء وكان بهجتها وبهجة كأسها * نار ونور قيدا بوعاء