نوحي علي بحسرة * من خلف سترك والحجاب قولي إذا ناديتني * فعييت عن رد الجواب زين الشباب أبو فرا * س لم يمتع بالشباب ثم سار فلقي قرعويه فكان من امره ما كان وهذا آخر ما قاله من الشعر فيما بلغني فسبحان من لا يحول ولا يزول اه.
وفي نسمة السحر قيل إنه قتل في المعركة على باب حمص اه.
وقال ابن خلكان: رأيت في ديوانه انه لما حضرته الوفاة كان ينشد مخاطبا ابنته وذكر الأبيات الخمسة المتقدمة، ثم قال: وهذا يدل على أنه لم يقتل أو يكون قد جرح وتأخر موته ثم مات من الجراحة اه. ولكن قد سمعت فيما مر عن ابن خالويه انه أنشدها ورجله في الركاب يوم قتله قبل ان يلقى قرعويه ثم قتل فما في الديوان ان صح يمكن ان يراد بقوله لما حضرته الوفاة اي يوم قتل فلا منافاة. ثم قال ابن خلكان: ذكر ثابت بن قرة الصابي في تاريخه قال: جرت حرب بين أبي فراس وكان مقيما بحمص وبين أبي المعالي شريف بن سيف الدولة واستظهر عليه أبو المعالي وقتله في الحرب وأخذ رأسه وبقيت جثته مطروحة في البرية إلى أن جاء بعض الاعراب فكفنه ودفنه. قال غيره: وكان أبو فراس خال أبي المعالي وقلعت أمه سخينة عينها لما بلغها وفاته وقيل إنها لطمت وجهها فقلعت عينها وقيل لما قتله قرعويه لم يعلم به أبو المعالي فلما بلغه الخبر شق عليه اه. وسخينة هي أم أبي المعالي أخت أبي فراس لا أم أبي فراس لأن أمه ماتت وهو في أسر الروم. فقوله: وقلعت أمه عينها اي أم أبي المعالي.
وفي تاريخ دمشق لابن عساكر المطبوع ما لفظه: في سنة 350 قتل أبو فراس قتله أبو قرعونة غلام سيف الدولة ولما بلغ قتله أمه قلعت عينها وكان قتله عند ضيعة تعرف بصدد في حرب كانت بين شريف بن سيف الدولة وبين أبي فراس اه. وفيه ثلاث مخالفات للمعروف في كتب التاريخ (إحداها) تاريخ قتله سنة 350 وقد أجمعت كتب التاريخ انه سنة 357 (ثانيتها) تسمية غلام سيف الدولة أبو قرعونة والمذكور في اسمه قرعويه أو فرغوية (ثالثتها) قوله ولما بلغ أمه الخ الدال على أنها أم أبي فراس مع أن أم أبي فراس ماتت وهو في الأسر كما مر فالصواب انها أم أبي المعالي ولما كانت النسخة المطبوعة فاشية الغلط لم يعلم أن ذلك من كلام ابن عساكر.
والصواب ان الذي قتله قرعويه وان أبا المعالي لم يعلم بقتله الا بعد وقوعه.
وهؤلاء المماليك أمثال قرعويه لم تكن لهم نفوس شريفة تدعوهم إلى العفو عند المقدرة وكانوا كثيرا ما يكفرون النعمة بعدما أجادوا الخدمة في أول امرهم فيرغب فيهم مواليهم فإذا ترقت حالهم بطروا وربما فتكوا بمواليهم. وقرعويه هذا عصى على أبي المعالي بعد سيف الدولة في خبر معروف ثم سلط الله عليه مولى له فقبض عليه مع بكجور وحبسه في قلعة حلب ست سنين ثم قتله أبو المعالي شريف بن سيف الدولة فجازاه الله تعالى بمثل فعله.
ومن المؤسف ان يكون أبو فراس الأمير الشجاع الكبير النفس العالي الهمة العربي الصميم يقتل بيد غلام مملوك لغلام مملوك وما أحسن وأصدق قول المتنبي كما في اليتيمة:
فلا تنلك الليالي ان أيديها * إذا ضربن كسرن النبع بالغرب ولا يعن عدوا أنت قاهره * فإنهن يصدن الصقر بالخرب (1) ولله أمر هو بالغه. وأولى بان يستشهد لذلك بقول أبي فراس نفسه:
ذدت الأسود عن الفرائس * ثم تفرسني الضباع وفي تاريخ أبي الفدا: وفي مقتله في صدد يقول بعضهم.
وعلمني الصد من بعده * عن النوم مصرعه في صدد فسقيا لها إذ حوت شخصه * وبعد لها حيث فيها ابتعد مختارات من شعره الغزل والنسيب قال ولا توجد في الديوان المطبوع:
أيا من وجهه بدر * وفي الحاظه سحر ويا من جسمه ماء * ويا من قلبه صخر لقد قام لدى العاذل * من وجهك لي عذر فكاشفتك عن وجدي * لما عزني الصبر وما بحت بما ألقاه * حتى انهتك الستر وقال:
لبسنا رداء الليل والليل راضع * إلى أن تردى رأسه بمشيب وبتنا كغصني بانة عابثتهما * مع الصبح ريحا شمال وجنوب بحال ترد الحاسدين بغيظهم * وتطرف عنا طرف كل رقيب إلى أن بدا ضوء الصباح كأنه * مبادي نصول في عذار خضيب فيا ليل قد فارقت غير مذمم * ويا صبح قد أقبلت غير حبيب وقال ولا توجد في الديوان المطبوع:
تبسم إذ تبسم عن اقاح * واسفر حين أسفر عن صباح واتحفني براح من رضاب * وراح من جنا خد وراح فمن لألاء غرته صباحي * ومن صهباء ريقته اصطباحي وله:
وظبي غرير في فؤادي كناسه * إذا اكتنست عين الفلاة وحورها فمن خلقه أجيادها وعيونها * ومن خلقه عصيانها ونفورها وله وليست في الديوان المطبوع:
وبيض بالحاظ العيون كأنما * هززن سيوفا واستللن محاجرا تصدين لي يوما بمنعرج اللوى * فغادرن قلبي بالتصبر غادرا سفرن بدورا وانتقبن أهلة * ومسن غصونا والتفتن جاذرا وله:
مسئ محسن طورا وطورا * فما أدري عدوي أم حبيبي يقلب مقلة ويدير لحظا * به عرف البرئ من المريب وبعض الظالمين وان تناهى * شهي الظلم مغتفر الذنوب وله:
الزمني ذنبا بلا ذنب * ولج في الهجران والعتب أحاول الصبر على هجره * والصبر محظور على الصب