حذيفة يسمى صاحب السر وكان عمر لا يصلي على جنازة لا يحضرها حذيفة اه. وفي تاريخ دمشق: أخرج ابن سعد عن جبير بن مطعم أنه قال : لم يخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأسماء المنافقين الذين حضروا ليلة العقبة الا حذيفة وهم اثنا عشر رجلا من الأنصار أو من حلفائهم اه. وروى الإمام أحمد في مسنده باسناده عن قيس: قلت لعمار أرأيتم صنيعكم هذا الذي صنعتم فيما كان امر علي رأيا رأيتموه أم شيئا عهده إليكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: لم يعهد الينا رسول الله شيئا لم يعهده إلى الناس كافة، ولكن حذيفة أخبرني عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: في أصحابي اثنا عشر رجلا لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط، وبسنده عن الوليد بن جميع وأبي الطفيل قال: كان بين حذيفة وبين رجل من أهل العقبة ما يكون بين الناس، فقال: أنشدك الله كم كان أصحاب العقبة؟ فقال له القوم اخبره إذ سالك، قال: ان كنا نخبر أنهم أربعة عشر قال فان كنت منهم فقد كان القوم خمسة عشر، وأشهد بالله أن اثني عشر منهم حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد. قال أبو أحمد في حديثه: وقد كان - أي النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حرة فمشى فقال للناس: ان الماء قليل فلا يسبقني إليه أحد، فوجد قوما قد سبقوه فلعنهم يومئذ اه. ولا يخفى ان هذه الروايات تدل على أن هؤلاء المنافقين قوم يحتشم من التصريح بأسمائهم، والا لم يخف حذيفة أسماؤهم ولم يجهلهم الخليفة ولم يسال هل هو منهم، وانهم ليسوا من المعروفين بالنفاق الذين لا يؤبه لهم كابن أبي سلول وأضرابه. وفي الدرجات الرفيعة: روى المفضل بن عمر عن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال: كان المنافقون على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يعرفون الا ببغض علي بن أبي طالب عليه السلام، وكان حذيفة يعرفهم لأنه كان ليلة العقبة يقود ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعمار يسوقها، وقد قعد المنافقون على العقبة ليلا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند منصرفه من غزوة تبوك، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خلف عليا بالمدينة على أهله ونسائه، فقال المنافقون بعضهم لبعض: ان محمدا بغض نفسه إلى أصحابه بسبب علي، وعلي هو الذاب عنه والمجاهد دونه لا يعمل فيه أحر والبرد والسيف والسنان وقد استخلفه بالمدينة، فبادروا هذا الذي لولا علي لكان أهون من فقع بقرقر، ولولا أبو طالب بمكة لم يتبعه أحد، فإنه آواه ونصره وذب عنه وجاهد قريشا فيه حتى استفحل أمره وعظم شانه، فلما استقر قراره أعاد الملك والسلطان إلى بني أبيه من دون قريش، أفقريش لبني هاشم خول واتباع، وقد اجتمعت كلمتهم بالاسلام بعد ان كانوا مختلفين فتقدموا واخشوشنوا واجمعوا أمركم وشركاءكم، ثم اطلبوا بثأركم ممن اختدعكم عن دينكم وأدخلكم في دينه، ثم جعلكم أتباعه وأتباع بني هاشم ومواليهم وعبيدهم إلى أن تقوم الساعة، والا فعيشوا أشقياء عباديد بعد الآلهة أذلة ما بقيتم. وكان القائل رجل من المهاجرين من قريش يحرض أصحابه ليلة العقبة على قتل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فضرب الله وجوههم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وكان ذلك الرجل يشكو حذيفة إلى أبي بكر فيقول دعه فالسكون خير من الخوض في أمره فلما بويع عمر بعث إلى حذيفة (إلى أن قال) ثم اقبل على أصحابه فقال لهم صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واعلم أصحابه بالمنافقين انا كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ببغضهم عليا فكان حذيفة يقول: السكينة تنطق على لسانك، بقوله لحذيفة: انك اعرف الناس بالمنافقين. وفي الدرجات الرفيعة: ذكر مختار العراقيين يوم الحكمين عند حذيفة بالدين فقال: أما أنتم فتقولون ذلك، وأما انا فاشهد انه عدو لله ولرسوله وحرب لهما في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار. قال: وروي ان عمارا سئل عنه فقال: لقد سمعت فيه من حذيفة قولا عظيما، سمعته يقول: صاحب البرنس الأسود صاحب البرنس الأسود ثم كلح كلوحا، علمت أنه كان ليلة العقبة بين ذلك الرهط وكان حذيفة عارفا بهم، وروى البخاري في صحيحه في تفسير سورة النساء بسنده عن الأسود قال: كنا في حلقة عبد الله فجاء حذيفة حتى قام علينا فسلم ثم قال لقد انزل الله النفاق على قوم خير منكم قال الأسود سبحان الله! (ان الله يقول إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار) فتبسم عبد الله، وجلس حذيفة في ناحية المسجد فقام عبد الله فتفرق أصحابه، فرماني بالحصى فاتيته، فقال حذيفة: عجبت من ضحكه وقد عرف ما قلت لقد أنزل النفاق على قوم كانوا خيرا منكم ثم تابوا فتاب الله عليهم ا ه. في ارشاد الساري: (عبد الله) أي ابن مسعود. (حذيفة) ابن اليمان خير منكم باعتبار انهم كانوا من طبقة الصحابة فارتدوا أو نافقوا فتبسم عبد الله متعجبا من كلام حذيفة وبما قام به من قول الحق وما حذر منه. قال الأسود (فرماني) أي حذيفة (بالحصى) أي ليستدعيني (عجبت من ضحكه) مقتصرا على الضحك اه. والذي يلوح ان مراد حذيفة بقوله: لقد أنزل النفاق الخ. توبيخ ابن مسعود وأصحاب حلقته: أي لا تغتروا بأنفسكم فقد كان قوم يراهم الناس خيرا منكم وكانوا منافقين لان حذيفة كان أعلم الناس بالمنافقين، كما مر، واستعظم ذلك الأسود لدلالة الآية على أن المنافقين من أهل النار بل في الدرك الأسفل منها، وتبسم ابن مسعود يحتمل وجوها (منها) ما مر عن ارشاد الساري (ومنها) أن يكون سخرية وتعجبا من نسبة حذيفة لهم إلى النفاق ونسبته إلى من هو خير منهم (ومنها) أن يكون استحسانا لجواب الأسود.
ويؤيد الوجه الثاني قول حذيفة: عجبت من ضحكه وقد عرف ما قلت، أي أن مرادي: نافقوا ثم تابوا فتاب الله عليهم، فإذا عرف ان هذا مرادي لا ينبغي له أن يضحك تعجبا من قولي، ولكن هذا الاعتذار بظاهره غير صواب لأنه لا دليل على أن كل من نافق ممن هو خير منهم تاب، ولعله انما قصد بهذا العذر المدافعة عن نفسه.
من هو المنافق في حلية الأولياء بسنده: قيل لحذيفة من المنافق؟ قال الذي يصف الاسلام ولا يعمل به.
بعض رواياته النبوية أخرج له أحمد في مسنده روايات كثيرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تدل قرائن الأحوال ومخالفة بعضها لضرورة الدين ان جملة منها مكذوبة، وأخرج له أصحاب كتب التراجم أيضا عدة روايات، ونحن ننتقي روايات مما أخرج له فنوردها هنا.
الامراء الكذابون الظالمون روى الإمام أحمد في مسنده بسنده عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
انها ستكون أمراء يكذبون ويظلمون فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس منا ولست منهم ولا يرد علي الحوض، ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وانا منه وسيرد علي الحوض. وفي حلية الأولياء بسنده عن حذيفة قال: ليكونن عليكم امراء لا يزن أحدهم عند الله يوم القيامة قشر شعيرة.