لمعرفة خبر القوم أهون من مبارزة عمرو وقد جعل جزاء فاعله أن يجعله الله معه يوم القيامة كما ضمن لمبارز عمرو الجنة، ولكنهم جبنوا عن الذهاب لمعرفة خبرهم كما جبنوا عن مبارزة عمرو وزهدوا في هذا الجزاء العظيم لما استولى عليهم من الخوف، وبرد الحجاز ليس بردا قارصا يصعب تحمله، ولم يشأ أن يدعو لمعرفة خبرهم عليا بعد ما قتل عمرا، فان هذا أمر تافه لا يدعى له مثل علي مع امكان أن يقوم به غيره: (وللشدة الصماء تقنى الذخائر). ثم شهد حذيفة بعد ذلك المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
خبره في غزوة تبوك ومنها غزوة تبوك ولما عاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من غزوة تبوك وانحدر في العقبة، وكانت ليلة مظلمة وأراد جماعة من المنافقين اثنا عشر أو أربعة عشر رجلا ان ينفروا الناقة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان حذيفة قد أخذ بزمامها يقودها وعمار يسوقها فبرقت حتى رآهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحذيفة وعرفهم حذيفة بأعيانهم فعند ذلك هربوا ودخلوا في غمار الناس، ولذلك كان حذيفة أعلم الناس بالمنافقين. وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان حذيفة مع أمير المؤمنين عليه السلام. وكان في جملة النفر الذين صلوا على فاطمة عليها السلام وحضروا دفنها، كما مر عن الكشي.
أخباره في الفتوح شهد حذيفة فتح العراق والشام وبلاد الجزيرة وبلاد الفرس.
وكانت وقعة اليرموك سنة 13.
وفي أسد الغابة: شهد حذيفة فتح الجزيرة ونزل نصيبين وتزوج بها أ ه وكان فتح الجزيرة سنة 17 وقيل 19.
وفي الاستيعاب: شهد حذيفة نهاوند فلما قتل النعمان بن مقرن أخذ الراية، وكان فتح همذان والري والدينور على يد حذيفة، وكانت فتوحه كلها سنة 22. ويظهر من كلام ابن الأثير الآتي ان ذلك كان أثناء ولايته المدائن. وقال ابن الأثير: وقعة نهاوند كانت سنة 21 وقيل سنة 18 وقيل 19، قال: وكان النعمان بن مقرن يومئذ معه جمع من أهل الكوفة قد اقتحموا جند يسابور والسوس وقيل بل كان بكسكر فكتب اليه عمر يأمره بنهاوند فسار فكتب عمر إلى عبد الله بن عبد الله بن عتبان ليستنفر الناس مع النعمان، فخرج الناس منها وعليهم حذيفة بن اليمان حتى قدموا على النعمان واجتمع الناس على النعمان وفيهم حذيفة بن اليمان فرحل النعمان وعبأ أصحابه وهم ثلاثون ألفا على مقدمتهم نعيم بن مقرن وعلى مجنبته حذيفة بن اليمان وسويد بن مقرن، فانتهوا إلى أسببذهان وضرب فسطاط النعمان فابتدر أشراف الكوفة فضربوه منهم حذيفة بن اليمان وعد معه جماعة من أشرافهم، ثم اقتتلوا والحرب بينهم سجال، فلما كان يوم جمعة وقد خرج الفرس من خنادقهم قال النعمان: اني مكبر ثلاثا فإذا كبرت الثالثة فاني حامل فاحملوا وان قتلت فالأمير بعدي حذيفة، ثم كبر وحمل والناس معه وانهزم الأعاجم وقتل مقتلة عظيمة وقتل النعمان وكتموا مقتله، فاخذ الراية أخوه نعيم وناولها حذيفة وتقدم إلى موضع النعمان. ودخل المشركون همذان والمسلمون في آثارهم فنزلوا عليها وأخذوا ما حولها، فلما رأى ذلك أميرها استأمنهم، ولما تم الظفر للمسلمين جعلوا يسألون عن أميرهم النعمان، فقال لهم اخوه معقل: هذا أميركم قد أقر الله عينه بالفتح وختم له بالشهادة فاتبعوا حذيفة، وأتاهم الهربذ صاحب بيت النار على أمان فأبلغ حذيفة فقال: أتؤمنني ومن شئت على أن اخرج لك ذخيرة لكسرى تركت عندي لنوائب الزمان، وقال: نعم، فاحضر جوهرا نفيسا في سفطين فنفل حذيفة منهما وأرسل الباقي إلى عمر، وبلغ الخبر الماهين بفتح همذان فراسلوا حذيفة فأجابهم إلى ما طلبوا. قال ابن الأثير: وفيها بعث عمر عبد الله بن عبد الله بن عتبان إلى نهاوند، ورجع حذيفة إلى عمله على ما سقت دجلة وما وراءها. وفي تاريخ دمشق لابن عساكر قال أبو عبيدة في سنة 22 مضى حذيفة إلى نهاوند فصالحه صاحبها على ثمانمائة ألف درهم في كل سنة. وغزا الدينور فافتتحها عنوة وكان سعد قد فتحها ثم نقضت العهد - ثم غزا ماه سبذان فافتتحها عنوة وكان سعد قد فتحها أيضا ثم نقضت - ثم غزا همذان فافتتحها وافتتح الري كلاهما عنوة ولم تكونا فتحتا من قبل اه. ولكن ابن الأثير كما مر قال: ان فتح همذان كان سنة 21 وقال: انها فتحت ثانيا سنة 22 فإنه لما تراجع عنها نعيم بن مقرن وأصحابه كفر أهلها فلما قدم عهد نعيم من عند عمر ودع حذيفة وسار يريد همذان فافتتحها ثانيا وعاد حذيفة إلى الكوفة.
أخباره في فتح بلاد خراسان روى الطبري في تاريخه في حوادث سنة 30 بسنده أنه غزا سعيد بن العاص من الكوفة سنة 30 يريد خراسان ومعه حذيفة بن اليمان، إلى أن قال: وخرج عبد الله بن عامر من البصرة يريد خراسان فنزل أبرشهر (وهي نيسابور) وبلغ نزوله ابرشهر سعيدا فنزل سعيد قومس وهي صلح صالحهم حذيفة بعد نهاوند، فاتى جرجان فصالحوه على مائتي ألف، ثم أتى طميسة وهي كلها من طبرستان متاخمة جرجان وهي مدينة على ساحل البحر فقاتله أهلها حتى صلاة الخوف فقال لحذيفة كيف صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره فصلى بها سعيد صلاة الخوف وهم يقتتلون. ثم روى الطبري بسنده أنه صرف حذيفة عن غزو البري إلى غزو الباب (وهي المدينة المعروفة بباب شروان على بحر طبرستان وهو بحر الخزر) مددا لعبد الرحمن بن ربيعة وخرج معه سعيد بن العاص فبلغ معه آذربيجان، وكذلك كانوا فأقام حتى قفل حذيفة، ثم رجعا. وذكر ابن الأثير في حوادث سنة 30. وقال الطبري وتبعه ابن الأثير في حوادث سنة 32: في هذه السنة استعمل سعيد بن العاص سلمان بن ربيعة على فرج بلنجر وأمد الجيش الذي كان به مقيما مع حذيفة باهل الشام. ثم روى الطبري بسنده ان سعيدا استعمل على الغزو باهل الكوفة حذيفة بن اليمان، وكان على ذلك الفرج قبل ذلك عبد الرحمن بن ربيعة وأمدهم عثمان في سنة عشر باهل الشام عليهم حبيب بن مسلمة القرشي فتأمر عليه سلمان وأبى عليه حتى قال أهل الشام: لقد هممنا بضرب سلمان، فقال الكوفيون: إذن والله نضرب حبيبا ونحبسه وان أبيتم كثرت القتلى فينا وفيكم، فكان ذلك أول اختلاف وقع بين أهل الكوفة والشام، وأراد حبيب ان يتأمر على صاحب الباب كما كان يتأمر أمير الجيش إذا جاء من الكوفة، فلما أحس حذيفة أقر وأقروا فغزاها حذيفة بن اليمان ثلاث غزوات فقتل عثمان في الثالثة ولقيهم مقتل عثمان (الخبر).
خبره يوم الجرعة وقال ابن عساكر في تاريخ دمشق في ترجمة سعيد بن العاص حين ذكر اختلاف أهل الكوفة مع سعيد بن العاص لما كان واليا على الكوفة من قبل