فاختار النصرة، وشهد مع النبي أحدا وقتل أبوه بها (اه). وكلامه هذا لا يخلو من غموض، وسيأتي تفسيره عند ذكر أخباره (انش ء). قال: وكان يسال النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الشر ليتجنبه، وأرسله النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليلة الأحزاب سرية ليأتيه بخبر الكفار ولم يشهد بدرا لان المشركين اخذوا عليه الميثاق لا يقاتلهم فسال النبي صلى الله عليه وآله وسلم أيقاتل أم لا؟ قال: بل تفي لهم ونستعين الله عليهم أ ه. وفي الإصابة: حذيفة بن اليمان العبسي من كبار الصحابة، أسلم حذيفة وأبوه وأراد شهود بدر فصدهما المشركون وشهد أحدا فاستشهد اليمان بها روى حديث شهودهما أحدا واستشهاده بها البخاري، وشهد حذيفة الخندق وله بها ذكر حسن وما بعدها. وفي الصحيحين: ان أبا الدرداء قال لعلقمة: أليس فيكم صاحب السر الذي لا يعلمه غيره وفي رواية الذي لم يكن يعلمه غيره - يعني حذيفة وفيهما عن عمر أنه سال حذيفة عن الفتنة. وذكره الطبري في ذيل المذيل في جملة من روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ممن آمن به واتبعه في حياته وعاش بعده من قبائل اليمن فقال ومنهم حذيفة بن اليمان أبو عبد الله أصله من عبس بن بغيض، وهو حليف لبني عبد الأشهل روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حديثا كثيرا اه. وفي تاريخ دمشق لابن عساكر: حذيفة بن اليمان أبو عبد الله العبسي حليف بني عبد الأشهل صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصاحب سره من المهاجرين وسكن الكوفة. وقال علي بن المديني: هو رجل من عبس حليف الأنصار، ويكنى بأبي عبد الله. وترجمه ابن سعد في الطبقة الثانية، وقال أيضا في الطبقة الثانية ممن لم يشهد بدرا حذيفة بن اليمان شهد أحدا وجاءه نعي عثمان وهو بالمدائن ومات فيها سنة 36، اجتمع على ذلك الواقدي والهيثم بن عدي، ولحذيفة رواية كثيرة اه. وقال الحاكم في المستدرك: ذكر مناقب حذيفة بن اليمان وانما هو حذيفة بن حسيل وحذيفة صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم روى بسنده عن عروة ان حذيفة بن اليمان كان أحد بني عبس، وكان حليفا في الأنصار. وبسنده عن محمد بن عمر - الواقدي -:
وأما حذيفة فشهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مشاهده بعد بدر وعاش إلى أول خلافة علي سنة 36 (اه). وفي حلية الأولياء: ومنهم العارف بالمحن وأحوال القلوب والمشرف على الفتن والآفات والعيوب سال عن الشر فاتقاه وتحرى الخير فاقتناه سكن عند الفاقة والعدم وركن إلى الإنابة والندم وسبق رنق الأيام والأزمان أبو عبد الله حذيفة بن اليمان. وقد قيل إن التصوف مرامقه صنع الرحمن والموافقة مع المنع والحرمان اه. وعن تقريب ابن حجر كان حذيفة جليلا من السابقين، صح في مسلم عنه ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعلمه بما كان وما يكون إلى أن تقوم الساعة. وعن الذهبي في الكاشف: كان صاحب السر ومنعه وأباه شهود بدر استحلاف المشركين لهما. وفي الدرجات الرفيعة: روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: حذيفة بن اليمان من أصفياء الرحمن وفي مرآة الجنان: في أول سنة 36 توفي حذيفة بن اليمان أحد الصحابة أهل النجدة والنجابة الذي كان يعرف المؤمنين من المنافقين بالسر الذي خصه به سيد المرسلين قال: كان الناس يتعلمون الخير من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكنت أتعلم منه الشر مخافة أن أقع فيه اه. وفي شذرات الذهب في حوادث سنة 36: وتوفي في تلك السنة حذيفة بن اليمان العبسي صاحب السر المكنون في تمييز المنافقين، ولذلك كان عمر لا يصلي على ميت حتى يصلي عليه حذيفة يخشى أن يكون من المنافقين اه. وفي تهذيب التهذيب: أسلم هو وأبوه وأرادا حضور بدر فاخذهما المشركون فاستحلفوهما فحلفا لهم ان لا يشهدا فقال لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم: نفي لهم بعهدهم ونستعين الله عليهم، وشهدا أحدا فقتل اليمان بها. قال العجلي استعمله عمر على المدائن ومات بعد مقتل عثمان بأربعين يوما، سكن الكوفة، وكان صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومناقبه كثيرة مشهورة اه.
خلاصة أحواله هو صحابي من أجلاء الصحابة وخيارهم وعلمائهم وفقهائهم، عالم بالكتاب والسنة، وشجعانهم ذوي نجدتهم، قديم الاسلام شهد المشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم - عدى بدر، لان المشركين كانوا قد أخذوا عليه عهدا ان لا يقاتلهم فأمره النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالوفاء لهم - ولكونه من علماء الصحابة كان صاحب حلقة تجتمع عليه الناس بمسجد الكوفة فيحدثهم و يسألونه فيجيبهم ويفتيهم. ولكونه من فقهائهم سأله سعيد بن العاص في غزوة طبرستان عن صلاة الخوف كيف صلاها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعلمه فصلاها المسلمون، ووقع اختلاف في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين قوم على خص فأرسله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليقضي بينهم فقضى ان الخص لمن اليه معاقد القمط فامضى ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واستحسنه، وجرت به السنة في الاسلام. وامتاز بمعرفة المنافقين حتى أن الخليفة كان يسأله عنهم فلا يخبره، وكان صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخبره بما كتمه عن غيره من أمثاله عن الاسرار وأحوال الناس. وكان زاهدا في الدنيا مواليا لعلي عليه السلام مقدما له.
هو أنصاري أم مهاجري قد سمعت قول الشيخ والعلامة عداده في الأنصار، وسمعت قول ابن عساكر انه من المهاجرين وقول ابن الأثير هاجر إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فخيره بين الهجرة والنصرة فاختار النصرة، وقد عرفت وستعرف ان أباه كان من أهل المدينة هرب إليها هو أو جده لما أصاب دما في الجاهلية وحالف بني عبد الأشهل وتزوج أبوه منهم فولد له حذيفة بالمدينة وصار هو وأبوه من أهلها وحينئذ فحذيفة مدني أنصاري لا مهاجري، وتم قول الشيخ والعلامة ان عداده في الأنصار، أما الجمع بين ذلك وبين كلام ابن عساكر وابن الأثير فيمكن أن يقال أن أباه بعدما تزوج بأمه بالمدينة عاد إلى بلاد عبس ونقل زوجته معه فولد حذيفة هناك أو ولد بالمدينة ثم عاد مع أبيه إلى بلاد عبس وتصالح معهم على الدم الذي أصابه، فلما بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم جاء هو وأبوه إلى النبي وأسلما، وحينئذ يتضح معنى تخيير النبي صلى الله عليه وآله وسلم إياه بين الهجرة والنصرة واختياره النصرة بان يكون بين الهجرة إلى المدينة والبقاء في ديار قومه والنصرة للاسلام، والا فالهجرة لا تنافي النصرة بل تؤكدها ويكون هذا في أول الأمر ثم هاجر بعد ذلك وبهذا الاعتبار صح عده من المهاجرين والله أعلم.
أخباره أصله من عرب البادية من بني عبس، أصاب أبوه حسيل أو جده جروة دما في قومه في الجاهلية فهرب إلى المدينة وحالف بني عبد الأشهل من اليمن والا فهو عبسي لا يماني وتزوج أبوه امرأة منهم اسمها الرباب بنت كعب فولد منها حذيفة هكذا ذكر المؤرخون، لكنهم لم يذكروا ان قومه بني عبس أين كانوا حين هرب منهم إلى المدينة، وقد عرفت في وجه الجمع بين كون عداده من الأنصار وقول بعضهم انه من المهاجرين احتمال أن يكون أبوه تزوج بأمه في المدينة، ثم نقلها معه إلى بلاد عبس فولد حذيفة هناك أو ولد بالمدينة ثم ذهب به أبوه إلى بلاد عبس فلما بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهاجر إلى المدينة جاء هو وأبوه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأسلما وبقيا بديار عبس فلما بلغهما خبر بدر خرج هو وأبوه قاصدين المدينة ليقاتلا مع النبي فظفر بهما مشركو قريش