عن الضابط المزبور، للأدلة التي ذكروها، كما أن من المعلوم عندهم خروج الشهادة عن المعنى اللغوي الذي هو بمعنى الحضور، إذ قد عرفت تعريفهم لها بالاخبار الجازم، بل الظاهر عدم اعتبار كون العلم بالحواس الخمس فيها، ضرورة صدق العلم المعتبر فيها مع الحاصل منها ومن غيرها، فالتحقيق حينئذ كونه هو الضابط فيها.
نعم قد يشتبه على بعض المتسرعين معرفته، فيتخيل الظن الغالب علما، كما أنه قد يقطع مما لا يفيد القطع، وهذا الذي أشار إليه أنه غالبا يتخلف، خصوصا إذا انضم إليه بعض الأغراض النفسانية بخلاف العلم الحاصل بالأمور المفيدة له عرفا عند المستقيمين الخالين عن الأغراض الذين لهم قابلية النقد والتمييز بين المراتب، فإنه لا يتخلف غالبا، واتفاق تخلصه غير قادح، كما أنه قد يتخلف العلم بالحس لاشتباه ونحوه، والله العالم.
(و) أما (ما يكفي فيه السماع ف) - في المتن هنا (النسب والموت والملك المطلق، لتعذر الوقوف عليه مشاهدة في الأغلب، ويتحقق كل واحد من هذه بتوالي الأخبار من جماعة لا يضمهم قيد المواعدة أو يستفيض ذلك حتى يتاخم) بحد (العلم، وفي هذا عندي تردد) ثم ذكر بعد ذلك النكاح والوقف، ونحوه غيره.
لكن فيه أن المراد بالسماع هنا التسامع المسمى بالشياع تارة وبالاستفاضة أخرى، وهو غير الذي جعله قسيما للمشاهدة بقوله: " ومستندها إما المشاهدة أو السماع أو هما " ضرورة كون المراد به ما يعلم بالسمع الذي تجوز فيه شهادة الأعمى كما هو ظاهره في القسم الثالث، فلا إشكال في سماجة العبارة وما شابهها، وأسمجها عبارة الدروس المزبورة، نعم أحسنها عبارة الإرشاد، حيث قال في ذكر شرائط الشاهد " العلم، وهو شرط في جميع ما يشهد به إلا النسب والملك المطلق والموت والنكاح والوقف