قال -: إن الأقرب الأول " أي التفصيل المزبور ثم ذكر ما ذكر.
ولا يخفى عليك ما فيه من النظر من وجوه، حتى تحريره للخلاف على الوجه الذي ذكره، فإنك قد عرفت تصريح النهاية وغيرها بعدم الوجوب أصلا إلا مع العلم بالظلم في صورة عدم الاستدعاء للتحمل، كما هو مضمون النصوص، وليس هو من الوجوب الكفائي قطعا، وإلا كان مقتضاه الوجوب إلا إذا علم قيام الغير مقامه، فيسقط كما هو ضابط الوجوب الكفائي.
وأغرب من ذلك حمله في ما تركناه من كلامه الاجماعات المحكية على الكفائية على صورة عدم الاستدعاء للتحمل التي هي إن لم تكن مرجوحة الاندراج في إطلاق كلامهم فهي مساوية للصورة الأخرى، ثم قال بعد ذلك: " ومن هنا يظهر جواب آخر عن الاجماعات المحكية على وجوب الإقامة كفائية على الاطلاق، لوضوح كون المدعى فيها كفائية في نفسه المجامعة للعينية بالعرض، ولا مانع في كون الاستدعاء من العوارض ".
وهو من غرائب الكلام، فالتحقيق في المسألة ما عرفت، وهو الوجوب كفاية في صورة الاستدعاء للتحمل وعدم الوجوب أصلا في صورة عدم الاستدعاء إلا إذا علم الظلم كما أوضحناه سابقا ونقول هنا زيادة على ذلك: يمكن أن يكون محل كلامهم في المقام خصوص الشهادة في صورة المخاصمة التي تقام عند الحاكم، وأما الشهادات في غيرها كالشهادة بالاجتهاد والعدالة ونحوها مما لا ترجع إلى مخاصمة عند الحاكم ولا يراد إثباتها عنده فلا يبعد القول بوجوبها عينا على كل من كانت عنده، ولا مدخلية لكيفية التحمل فيها، لظهور الأدلة السالمة عن المعارض بالنسبة إلى ذلك بعد تنزيل الاجماعات المزبورة على غير هذه الصورة التي لا غرض بمقدار مخصوص منها، بل ربما كان الغرض تعدد الشهادة فيها لكونه أتم