بجواز العلم بهذه الأمور بالسماع من الجماعة الكثيرة بقرائن أو غيرها بحيث تيقن ولم تبق عنده شبهة أصلا كسائر المتواترات والمحفوفات بالقرائن فلا مانع من الشهادة حينئذ لحصول العلم قال " ونحوه صاحب الكفاية وهو في محله، إلا أن ظاهر كلمة الأصحاب الاطباق على الحكم المزبور، فإن تم حجة وإلا فالرجوع إلى العموم أولى، إلا أن يمنع بتخيل أن ما دل عليه متضمن للفظ الشهادة، وهي لغة الحظور " وهو بالنسبة إلى العالم الغير المستند علمه إلى الحس من مثل البصر وغيره مفقود. إذ قد يقال له عرفا ولغة: إنه غير حاضر للمشهود، واشتراط العلم المطلق في ما مر من الفتوى والنص غير مستلزم لكفاية مطلقه بعد احتمال أن يكون المقصود من اشتراطه التنبيه على عدم كفاية الحظور الذي لم يفد غير الظن، بل لا بد من إفادته العلم القطعي، ومحصله حينئذ أنه لا بد مع الحظور من العلم لا أن مطلقه يكفي، هذا وربما كان في النبوي ونحوه إشعار باعتبار الرؤية ونحوها مما يستند إلى الحس الظاهري مع أن القطع المستند إلى الحس الباطني ربما يختلف شدة وضعفا، ولذا يتخلف كثيرا، فلعل الشاهد المستند علمه إليه يظهر عليه خلاف ما شهد به، فكيف يطمئن بشهادته، وهذا الخيال وإن اقتضى عدم الاكتفاء بالعلم المستند إلى التسامع والاستفاضة في ما سيأتي إلا أن الاجماع كاف في الاكتفاء به فيه، مضافا إلى قضاء الضرورة ومسيس الحاجة إليه اللذين استدلوا بهما للاكتفاء به فيه، وهذا أوضح شاهد على أن الأصل في الشهادة عندهم القطع المستند إلى الحس الظاهري اعتبارا منهم فيها للمعنى اللغوي مهما أمكنهم، وهذا الوجه من الخيال وإن كان ربما لا يخلو عن نظر إلا أن غاية الاشكال الناشئ منه ومن الفتاوى والعمومات الرجوع إلى حكم الأصل ومقتضاه، ولا ريب أنه عدم القبول، فإذا الأجود ما قالوه لكن مع تأمل ".
(١٢٩)