على غير ما ذكره الأصحاب. وكيف كان فقد اتفق الجميع على ثبوت النسب به.
نعم في المسالك وبعض أتباعه التشكيك في ثبوته بالنسبة إلى الأم والجدات، لامكان رؤية الولادة، وفيه أن ذلك وإن كان ممكنا إلا أنه لا يطلع عليه غالبا إلا النساء بالأقاويل منهن، ولذا اكتفى بشهادتهن، فهو في الحقيقة مما لا يمكن رؤيته في العادة، على أنه بالنسبة إلى الجدات العاليات غير ممكن، لأن شهادة الفرع في الثالثة غير مسموعة، والتواتر بحيث يرجع إلى محسوس في الطبقة الأولى متعذر أو متعسر، ومن هنا أطلق الأصحاب النسب من غير فرق بين الأب والأم.
هذا ولكن في المسالك " وصفة التسامع في ذلك أن يسمع الشاهد الناس ينسبون المشهود بنسبه إلى ذلك الرجل أو القبيلة، ولا يعتبر التكرار ولا امتداد مدة السماع وإن كان الحكم به آكد، بل لو حضر جماعة لا يرتاب في صدقهم فأخبروه دفعة واحدة على وجه أفاد الفرض جاز له الشهادة، ويعتبر مع انتساب الشخص ونسبة الناس أن لا يعارضهم ما يورث التهمة والريبة، فلو كان المنسوب إليه حيا فأنكر لم تجز الشهادة، ولو كان مجنونا جازت كما لو كان ميتا، وفيه وجه بالمنع، لاحتمال أن يفيق فينكر، وهل يقدح في ذلك طعن من يطعن في النسب؟
وجهان أظهرهما مراعاة الشرط، وهو الظن المتاخم أو العلم ".
قلت: بناء على أن الشياع من الطرق الشرعية لاثبات ما يثبت به لا يجدي معه إنكار المنكر ولا طعن الطاعن، بل ليس ذكر الأصحاب له هنا وفي كتاب القضاء إلا لإرادة القضاء به مع تحققه على المنكر كالبينة، وستسمع كثيرا من كلامهم المتضمن للاثبات به على من ينكر مضمونه، ولولا ذلك لأمكن القول بكونه طريقا لاجراء الأحكام عليه في يد الناس،