الشاهد باقراره ويحصل له القطع به من إشارته فلا يكون كذبا، فكيف يعلل به، اللهم إلا أن يكون المراد أن الاقرار حقيقة في الاخبار عن الحق باللفظ الدال عليه بحكم التبادر وغيره، فيكون بالإشارة مجازا وإرادته من الاقرار المطلق المنصرف إلى اللفظ بغير قرينة غير جائز، وإطلاقه من دونهما يعين كونه كذبا، وفيه نظر، فإن خرسه قرينة حال واضحة على إرادته الاخبار بالإشارة من الاقرار دون الحقيقة، فلا كذب ".
قلت: قد يقال: (أولا) أن إشارة الأخرس كاللفظ من غيره، فيكتفى بالظاهر منها كما يكتفى بالظاهر منه في جميع المواضع، ولكن الانصاف عدم خلو هذا عن النظر. و (ثانيا) لا ينبغي الاشكال في جواز الشهادة عليه بالاقرار بمعنى الالتزام مع القطع بالمراد من إشارته، بل لعله كذلك في غير الأخرس أيضا، على أن المفهوم من إشارة الأخرس غالبا يستند إلى قرائن الأحوال التي لا يمكن نقلها أو يتعسر، فتكليف الشاهد بنقلها متعذر أو متعسر، وقد عرفت أن مدار الشاهد على العلم، ومما ذكرنا يظهر لك الحال في الترجمة أيضا، فتأمل. والله العالم.
(الثالث) من مستند علم الشاهد (ما يفتقر) غالبا (إلى السماع والمشاهدة كالنكاح والبيع والشراء والصلح والإجارة) وغيرها من عقد أو إيقاع (فإن حاسة السمع تكفي في فهم اللفظ ويحتاج إلى البصر لمعرفة اللافظ و) حينئذ ف (- لا بأس في شهادة من اجتمع له الحاستان، أما الأعمى فتقبل شهادته في العقد قطعا، لتحقق الآلة الكافية في فهمه، فإن انضم إلى شهادته معرفان جاز له الشهادة على العاقد مستندا إلى تعريفهما كما يشهد المبصر على تعريف غيره) ويكون شاهد أصل لا فرع بلا خلاف أجده فيه كما اعترف به في الرياض، بل عن ظاهر السرائر الاجماع عليه، وفي الكفاية قالوا: ولعله لاطلاق خبر