المسألة (الخامسة:) قد تقدم في كتاب القضاء (1) أن للحاكم أن يحكم بعلمه مطلقا لأنه أقوى من البينة. وحينئذ ف (يجب على الحاكم إقامة حدود الله تعالى بعلمه كحد الزناء) لأنه المطالب به والمستوفي له و (أما حقوق الناس فتقف إقامتها على المطالبة حدا كان أو تعزيرا) كما يرشد إليه خبر الحسين بن خالد (2) عن أبي عبد الله (عليه السلام) " سمعته يقول: الواجب على الإمام إذا نظر إلى رجل يزني أو يشرب الخمر أن يقيم عليه الحد، ولا يحتاج إلى بينة مع نظره، لأنه أمين الله في خلقه، وإذا نظر إلى رجل يسرق فالواجب عليه أن يزبره وينهاه ويمضي ويدعه قلت: كيف ذلك؟ قال: لأن الحق إذا كان لله فالواجب على الإمام إقامته وإذا كان للناس فهو للناس " وفي الصحيح (3) " إذا أقر على نفسه عند الإمام بسرقة قطعه، فهذا من حقوق الله تعالى، وإذا أقر على نفسه أنه شرب خمرا حده، فهذا من حقوق الله تعالى، وإن أقر على نفسه بالزناء وهو غير محصن فهذا من حقوق الله تعالى، وأما حقوق المسلمين فإذا أقر على نفسه عند الإمام بفرية لم يحده حتى يحضر صاحب الفرية أو وليه، وإذا أقر بقتل رجل لم يقتله حتى يحضر أولياء المقتول فيطالبوه بدم صاحبهم " وبمعناه الصحيح الآخر (4) في حقوق الناس " من أقر على نفسه عند الإمام بحق أحد من المسلمين فليس على الإمام أن يقيم عليه الحد الذي أقر به عنده حتى يحضر صاحب الحد أو وليه ويطلب
(٣٦٦)