الاصرار إنما يحصل بتكرر الذنب لا بالاستمرار أو يقال بعد التوبة، فتأمل فيه ".
قلت: لا يخفى عليك التأمل في الجملة مما ذكره، خصوصا دعوى كونها من الصغائر مع تصريحه سابقا بأن الحسد والبغضة من الكبائر، وكذا الشهيد الثاني وغيره، بل أدلتهما ظاهرة في ذلك أيضا، ولعل الأولى القول بأعمية العداوة الدنيوية للمؤمن من الفسق، إذ يمكن تحققها من دون الحكم بالفسق حملا لفعله على الوجه الصحيح الذي منه اعتقاد مظلوميته، أو القول بأن التظاهر بها محرم والعمل على مقتضاها من سب وشتم ونحو ذلك فسق، كما عرفته أولا، والأمر سهل.
ولو اختصت العداوة بأحدهما دون الآخر اختص بالرد.
ولو قذف المشهود عليه الشاهد قبل شهادته أو آذاه أو نحو ذلك ليتوصل إلى رد شهادته عليه ولم يعلم منه ما يقتضي عداوته بذلك قبلت شهادته عليه، بل في المسالك " وإن عاداه من يريد شهادته عليه وبالغ في خصومته فلم يجب وسكت ثم شهد قبلت شهادته عليه، وإلا اتخذ الخصماء ذلك ذريعة إلى إسقاط الشهادات " ويمكن تنزيله على ما ذكرنا لا على ما لو علم عداوته بذلك ولكن لم يظهر منه، فإن الأقوى حينئذ الرد، لما عرفت من أنها وإن كانت بحق توجب عدم القبول شرعا، والله العالم.
(وكذا لو شهد بعض الرفقاء لبعض على القاطع عليهم الطريق، لتحقق التهمة) بتحقق مقتضى العداوة الدنيوية وفاقا للمشهور، لخبر محمد بن الصلت (1) المنجبر بالشهرة قال: " سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن رفقة كانوا في طريق فقطع عليهم الطريق فأخذوا اللصوص فشهد بعضهم لبعض، قال: لا تقبل شهادتهم إلا باقرار