وفيه أن المحرم ذاتا لا من حيث الاسم لا يتفاوت الحال بين قليله وكثيره، بخلاف متعلق اليمين الذي مدار الحكم فيه على صدق الفعل كما أوضحنا ذلك في كتاب الأطعمة والأشربة (1) بل قوله (عليه السلام):
" قليلها وكثيرها حرام " قاض بذلك، ضرورة عدم التقييد بالشرب وعدم تحديد القليل بشئ، فيشمل الجزء ولو يسيرا، وكذا ما اشتمل من النصوص (2) على ضرب الثمانين بالنبيذ والخمر القليل والكثير من غير تقييد بالشرب، وبالجملة فالمسألة خالية عن الاشكال، ومن هنا يثبت الحد على من تناول شيئا من الترياق الذي فيه جزء من الخمر ولو يسيرا وكذا غيره من الأدوية إلا أن يكون مضطرا لمرض مثلا بناء على ما حققناه سابقا (3) والله العالم.
(ويتعلق الحكم بالعصير) العنبي (إذا غلا) بنفسه أو بالنار أو بالشمس (وإن لم يقذف بالزبد) خلافا لأبي حنيفة بل وإن لم يتحقق فيه الاسكار (إلا أن يذهب بالغليان ثلثاه أو ينقلب خلا) بلا خلاف أجده فيه، بل في المسالك مذهب الأصحاب أن العصير العنبي إذا غلى بأن صار أسفله أعلاه يحرم ويصير بمنزلة الخمر في الأحكام، ويستمر حكمه كذلك إلى أن يذهب ثلثاه أو ينقلب إلى حقيقة أخرى بأن يصير خلا أو دبسا على قول وإن بعد الفرض، لأن صيرورته دبسا لا يحصل غالبا إلا بعد ذهاب أزيد من ثلثيه، وفي الرياض وكأنه إجماع بينهم كما صرح في التنقيح وغيره، ولم أقف على حجة معتد به سواه وفي كشف اللثام " لم أظفر بدليل على حد شاربه ثمانين ولا بقائل قبل