ولذا لم تجز الشهادة بمقتضى الاستصحاب من الملك الآن أو مقتضى البينة الشرعية بناء على عموم حجيتها.
وبذلك كله يظهر لك سقوط البحث في أنه هل يعتبر فيه الظن المتاخم أو العلم وأن في ذلك قولين، بل في الرياض جعل الأقوال ثلاثة بزيادة مطلق الظن ونسبة كل قول إلى قائل وذكر الأدلة لذلك، إذ قد عرفت أن هذه الأحوال لا مدخلية لها في حجية الشياع.
كما أنه ظهر لك منه أن الشياع والتسامع والاستفاضة على أحوال ثلاثة: أحدها استعمال الشائع المستفيض وإجراء الأحكام عليه، والثاني القضاء به، والثالث الشهادة بمقتضاه، أما الأول فالسيرة والطريقة المعلومة على أزيد مما ذكره الأصحاب فيه، فإن الناس لا زالت تأخذ الفتوى بشياع الاجتهاد، وتصلى بشياع العدالة، وتجتنب بشياع الفسق، وغير ذلك مما هو في أيدي الناس، وأما القضاء به وإن لم يفد العلم فالأولى الاقتصار فيه على السبعة بل الخمسة بل الثلاثة بل النسب خاصة، لأنه هو المتفق عليه بين الأصحاب، وأما الشهادة به فلا تجوز بحال إلا في صورة مقارنته للعلم بناء على الاكتفاء به في الشهادة مطلقا.
وظني أن من يقف على كلامنا هذا يستبشعه ويستنكره، لخلو كلام الأصحاب عن تحريره على الوجه المزبور، وإنما فيها الاطناب بذكر المناسبات التي لا تصلح دليلا شرعيا، وإنما هي أشبه شئ بالعلل النحوية التي تذكر بعد السماع، بل جملة منها حقيقة بأن لا تسطر لما فيها من تشويش الذهن، ومنعه عن الوصول إلى الحق، خصوصا الأذهان المعتادة على التقليد وإثبات عصمة لغير المعصوم ونسأل الله تعالى التأييد والتسديد.
(و) لعله لما عرفت (قال الشيخ: لو شهد عدلان فصاعدا صار السامع متحملا وشاهد أصل، لا شاهدا على شهادتهما، لأن