وهو من غرائب الكلام، ضرورة اقتضائه عدم صحة الشهادة لنا الآن لأمير المؤمنين (عليه السلام) بنصب النبي (صلى الله عليه وآله) له إماما يوم غدير خم، لأنه واصل إلينا بطريق التواتر ولم نكن حاضرين وقت النصب، ولا على أبي بكر وعمر بغصب فدك من الزهراء البتول (سلام الله عليها) بل ولا غير ذلك مما وصل إلينا بالتواتر أو بالأخبار المحفوفة بالقرائن، بل وليست شهادتنا أن لا إله إلا الله تعالى شأنه وأن محمدا (صلى الله عليه وآله) عبده ورسوله شهادة حقيقة، لعدم الحضور فيها.
وبالجملة لا ريب في سقوط الكلام المزبور خصوصا مع ملاحظة ما ورد (1) من صحة شهادة الأعمى إذا أثبت زيادة على ما عرفت من كون المدار على العلم، بل لعل الأصحاب لا يخالفون في ذلك، وإنما غرضهم في الكلام المزبور استثناء ما يثبت بالسماع وإن لم يصل إلى حد العلم في الأمور السبعة أو الأزيد كما تعرف، لا اعتبار كون الشهادة بطريق البصر بحيث لا يجوز غيره وإن حصل العلم القطعي حتى بالتواتر ونحوه مما ينتهي إلى المشاهدة أيضا بالواسطة، وقد عرفت سابقا أن الشهادة عرفا هي الاخبار الجازم على الوجه المزبور من غير مدخلية للحضور فيها، كما أنك عرفت في الأصول استفادة العلم الضروري من المتواتر الذي هو كعلم المشاهدة، بل من المعلوم أيضا عدم اختصاص الشهادة عندهم بالرؤية والسماع اللذين ذكروهما، ضرورة صدقها على المعلوم بغيرهما من الحواس الخمس كالذوق في المذوقات والشم في المشمومات واللمس في الملموسات.
ومن الغريب قوله: ء " وهذا أوضح " إلى آخره، ضرورة أن من اعتبر العلم بالاستفاضة لم يخرجه عن الضابط المزبور حتى يحتاج إلى إجماع أو غيره، نعم من اكتفى فيها بمطلق الظن أو الظن المتاخم للعلم أخرجها