وفي المروة وفي الأحكام، أما العدل في الدين أن يكون مؤمنا لا يعرف منه شئ من أسباب الفسق، وفي المروة أن يكون مجتنبا للأمور التي تسقط المروة مثل الأكل في الطرقات ومد الرجل بين الناس ولبس الثياب المصبغة وثياب النساء وما أشبه ذلك، وفي الأحكام أن يكون بالغا عاقلا لنقص أحكام الصبي والمجنون.
وقد أغرب في القواعد حيث جعلها جزء من العدالة وعرفها بأنها كيفية نفسانية تبعث على ملازمة التقوى والمروة، ثم جعلها شرطا آخر لقبول الشهادة بعد ذلك.
وفي المسالك " وكيف كان فالوجه أنه لا تقبل شهادة من لا مروة له، لأن طرح المروة إما أن يكون لخبل ونقصان أو قلة مبالاة وحياء، وعلى التقديرين يبطل الثقة والاعتماد على قوله، أما الأول فظاهر، وأما قليل الحياء فمن لا حياء له يصنع ما شاء، كما ورد في الخبر (1) ".
وعلى كل حال فالمروة لغة: الانسانية كما عن الصحاح، أو الرجولية أي الكمال فيهما كما عن العين والمحيط، وفي الاصطلاح، كما في كشف اللثام هيئة نفسانية تحمل الانسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق وجميل الأفعال والعادات.
وفي المسالك " في ضبط المروة عبارات متقاربة: منها أن صاحبها هو الذي يصون نفسه من الأدناس، ولا يشينها عند الناس، أو الذي يتحرز عما يسخر منه ويضحك به، أو الذي يسير بسيرة أمثاله في زمانه ومكانه، فمن ترك المروة لبس ما لا يليق بأمثاله، كما إذا لبس الفقيه مثلا لباس الجندي وتردد به في البلاد التي لم تجر عادة الفقهاء فيها بلبس هذا النوع من الثياب، وكما إذا لبس التاجر ثوب الحمالين ونحوهم بحيث