وفيه منع عدم تسمية الأخير شهادة، ولو قيل بخروج إخباره بالحق حال إرادة إنشاء الحكم به لكان أولى، ضرورة عدم تسمية مثله شهادة عرفا، من غير فرق بين الحاكم وغيره اللهم إلا أن يقال: إن ذلك من نحو إخباره بالأحكام الشرعية، فإنها ليس شهادة قطعا، والأمر سهل بعد معلومية كون مرجع هذا التعريف إلى تحقيق المعنى العرفي للشهادة.
ومن هنا كان الأصوب إيكال ذلك إلى العرف، للقطع بعدم معنى شرعي مخصوص لها، والغالب في المعاني العرفية عدم إمكان ذكر حد تام لها شامل لجميع أفرادها، ولذا أطنب القمي في قوانينه بعد أن ذكر التعريف المزبور عن أول الشهيدين في قواعده، وذكر عنه الاشكال في بعض الأفراد أنها شهادة أو رواية، كرؤية الهلال والمترجم والمقوم والقاسم والمخبر عن طهارة الثوب والقبلة والوقت بعد أن جعل موضوع الشهادة الأمر المخصوص وموضوع الرواية الأمر العام، وأطال في النقض عليه وتحرير كلامه، ولكنه لم يأت بالمميز العام بينهما، حتى ارتكب تأصيل أصل غير أصيل للأحكام المترتبة عليها من اعتبار التعدد ونحوه.
والأولى ما ذكرناه من إيكال الفرق بينهما إلى العرف، فكل ما عد فيه أنه من الشهادة اعتبر فيه التعدد وغيره من الأحكام الثابتة لها، وإلا كان من غيرها، والظاهر وفاء العرف بذلك من غير مدخلية لاعتبار الحاكم وغيره من القيود المزبورة، والله العالم.
(و) كيف كان ف (النظر) يقع (في أطراف خمسة).