إظهار التوبة في تحققها المقتضي لاجراء الأحكام عليها التي منها قبول الشهادة، للنصوص المستفيضة (1) التي تقدم سابقا جملة منها في توبة القاذف الدالة على قبول شهادة الفاسق إذا تاب، بل لا خلاف فيه في الظاهر.
وفيه أن التوبة لما كانت من الأمور القلبية - ضرورة كونها الندم والعزم وهما معا قلبيان وإخباره بحصولهما لا دليل على الاجتزاء به، بل ظاهر الأدلة خلافه - فليس حينئذ إلا تعرفهما بالآثار الدالة على ذلك، نحو غيرهما من الأمور الباطنة، ولا يجدي أصل الصحة في حصول التوبة، ضرورة كون مورده الفعل المحقق في الخارج المشكوك في صحته وفساده كالبيع والصلاة ونحوهما لا الأفعال القلبية التي لم يعلم حصولها، كما هو واضح. وبذلك ظهر لك وجه البحث على أحسن وجه فتأمل.
وعلى كل حال فقد عرفت حقيقة الحال في التوبة، لكن ذكر غير واحد أن المعصية التي يتاب عنها إن لم يكن فيها حق الله ولا للعباد كالاستمتاع بما دون الوطء وكالوطء في الحيض ونحو ذلك فلا شئ عليه سوى الندم والعزم المزبورين على الوجه الذي عرفت.
وإن كان تعلق بها حق مالي كمنع الزكاة والخمس والغصب ونحوها مما يتعلق بأموال الناس فيجب مع ذلك براءة الذمة منه بأن يؤدي الزكاة ويرد أموال الناس إن بقيت ويغرم بدلها إن لم تبق أو يستحل من المستحق فيبرؤه منها، ولو كان معسرا نوى الغرامة له إذا قدر.
وإن تعلق بالمعصية حق ليس بمالي كما لو زنى أو شرب فإن لم يظهر فيجوز أن يظهره ويقربه فيقام عليه الحد " ويجوز أن يستره وهو الأولى، فإن ظهر فقد فات الستر فيأتي الحاكم ليقيم عليه الحد إلا أن يكون ظهوره قبل قيام البينة عليه عند الحاكم، كما سيأتي من سقوط الحد بالتوبة قبل