لايجابها الدية ولو كان المشهود به القتل، ولعل ذلك هو الموافق للنصوص وغيرها، ضرورة أن رفع اليد من القتل وقصر الحكم على الجراح الذي لم يصل إلى حد القتل مع اشتمال الخبرين المعتبرين اللذين هما الأصل في هذا الحكم المفتى به عند الأصحاب عليه مما لا وجه له، على أن الجراح الذي يشهدون به قد يسري إلى النفس.
ودعوى بطلان شهادتهم حينئذ واضح البطلان، بل رفع اليد عن ذلك شبيه رفع اليد عن النصوص والفتاوى، والقول بعدم قبول شهادة الصبيان في قتل أو جراح للأصول والعمومات المقتضية عدم قبول شهادة غير البالغ لفقد وصف العدالة وغيرها، كما يحكى عن فخر المحققين، وربما مال إليه بعض الناس. لكن لا يخفى عليك ما فيه من إمكان دعوى منافاته للمقطوع به من النصوص والفتاوى، بل نفى الخلاف غير واحد عن قبول شهادتهم في الجناية في الجملة كما حكى الاجماع على ذلك غير واحد أيضا، بل يمكن دعوى تحصيله.
وبذلك كله ظهر لك أن ما ذكرناه هو الأقوى وإن قل المصرح به لكن لا وحشة مع الحق وإن قل القائل به، على أنك قد عرفت اختصاص عبارة الشيخ الذي هو الأصل في إخراج الفروع من أصولها بجناية بعضهم على بعض، وأنه يمكن تنزيل إطلاق غيره عليه.
بل من ذلك ينقدح النظر في ما ذكره غير واحد من أن الوجه في الشرط الثالث الاقتصار على المتيقن في أمر الدماء، إذ قد عرفت أن الأمر راجع إلى مال وإن تعلق بالدماء، فيتجه حينئذ اعتبار ما اقتضته الأدلة المعتبرة دون غيره مما ينفيه إطلاقها، كما أنه بان لك النظر في كثير من الكلمات المسطورة في هذا المبحث.
وعلى كل حال فظاهر النصوص والفتاوى اختصاص الحكم