(و) كيف كان ففي المتن وغيره أن (مستندها) أي الشهادة (إما المشاهدة أو السماع أو هما، فما يفتقر إلى المشاهدة الأفعال، لأن آلة السمع لا تدركها، كالغصب والسرقة القتل والرضاع والولادة والزنا واللواط، فلا يصير شاهدا بشئ من ذلك إلا مع المشاهدة و) من هنا (يقبل فيه شهادة الأصم) كما هو المشهور، لعدم مدخلية السمع فيه.
(و) لكن (في رواية) جميل (1) (يؤخذ بأول قوله لا بثانيه وهي) مع الطعن في سندها (نادرة) لم يعرف القول بها إلا من الشيخ في النهاية وتلميذه القاضي وابن حمزة، قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن شهادة الأصم بالقتل، فقال: يؤخذ بأول قوله، ولا يؤخذ بالثاني " بل عن بعضهم الجواب عنها بالقول بالموجب، فإن قوله الثاني إن كان منافيا لأول رد رأسا، لأنه رجوع عما شهد به أولا فلا يقبل، وإن لم يكن منافيا لم يكن ثانيا، بل شهادة أخرى مستأنفة، وإن كان فيه ما فيه، بل قد يقال إن اختلاف قوليه مناف للضبط والعدالة المعتبرين في الشاهد، اللهم إلا أن يفرض افتراق زماني القولين طويلا بحيث لا ينافي الضبط المعتبر في الشهادة، وكيف كان فالأمر سهل.
إنما الكلام في اشتراط العلم بالمشاهدة الظاهرة بالأبصار، فلو علم حينئذ شئ من ذلك بالتواتر أو بالخبر المحفوف بالقرائن أو بغير ذلك من طرق العلم لم تجز له الشهادة، مع أنك قد عرفت أن الضابط العلم الذي لا ينحصر طريقه بذلك مع عموم أدلة القبول، ومن هنا توقف فيه الأردبيلي والخراساني، وفي كشف اللثام " ولعله يمكن استناد الشهادة فيها إلى التواتر، فإنه يفيد العلم كالمشاهدة، ويجوز أن يكون مراد