الأول: الاجماع.
الثاني: لزوم الخروج من الدين.
الثالث: عدم جواز التمسك بالبراءة في أطراف العلم الاجمالي.
أقول: قد تمسك بالاجماع في إبطال الرجوع إلى البراءة وكذا في إبطال الاحتياط التام وسموه بالاجماع التقديري بمعنى ان المسألة وان لم تكن معنونة ولكنه يعلم بالضرورة بأنه لو سئل العلماء عن جواز الرجوع إلى البراءة أو وجوب الاحتياط على تقدير الانسداد لأجابوا بعدم الجواز في الأول وعدم الوجوب في الثاني، ولكن الظاهر بطلان الاجماع التقديري، فان الاجماع عبارة عن اتفاق جماعة يستكشف بسببه حكم الامام، فاللازم ان يتحقق الاتفاق خارجا حتى يصير وسيلة لاستكشاف المطلوب.
وبعبارة أخرى: يجب ان يكون الاجماع سببا لصيرورة المسألة مبينة وفيما نحن فيه تكون المسألة ضرورية ومن بداهتها يستكشف ما يسمى بالاجماع فهذا أشبه شي بالدور، فان ادعاء ان القوم لو سئلوا عن ذلك أجابوا بذلك، انما هو من جهة كون المطلب ضروريا عند المدعى فالاجماع يستكشف من ضرورة المطلب، فلو جعل دليلا له وموجبا لكشفه، لدار.
واما لزوم الخروج من الدين، فيرد عليه، ان الظاهر منهم بدوا كونه عنوانا مستقلا في قبال سائر العناوين المحرمة فيكون محرما من المحرمات الشرعية ولكنه ليس كذلك، بل هو عبارة أخرى عن مخالفات كثيرة لاحكام كثيرة واقعية، فالعقاب ليس على هذا العنوان بل على نفس مخالفة الواقع.
نعم، يمكن ان يكون العبد معذورا في مخالفة الواقع ما لم تصل حد الكثرة واما إذا لزمت مخالفات كثيرة فلا يكون معذورا للعلم بكونها مرغوبا عنها ولو في حال الجهل.
ثم إنه هل هو يتفرع على العلم الاجمالي، بان يكون المراد بالخروج من الدين، مخالفة تكاليف كثيرة علم بها إجمالا فيكون الفرق بين الوجه الثاني والثالث، ان الثالث عبارة عن مطلق مخالفة العلم الاجمالي والاستدلال به مبنى على القول بحرمة مخالفته مطلقا والثاني عبارة عن خصوص المخالفات الكثيرة، ومن الممكن ان يقال بحرمتها وان لم نقل بحرمة مطلق مخالفة العلم الاجمالي، أو لا يتفرع عليه، فيكون المراد به مخالفة تكاليف كثيرة علم بها إجمالا أو احتمل وجودها ولكنه علم بأنها على فرض وجودها، فعلية بالغة مرتبة البعث والزجر بحيث لا يرضى المولى بتركها ولو في حال الجهل؟ كلاهما محتمل، وقد عرفت ان إثبات حجية الظن بدليل الانسداد لا يتفرع على تحقق العلم الاجمالي.