أقول: دلالة المجموع مع عدم دلالة كل واحد منها، يحتاج تصورها إلى تأمل، ولقائل ان يقول بأنه لا يتصور ذلك.
ثم إن الاستدلال بالطائفة الأولى، اما بصرف وقوعها في مقام العلاج للمتعارضين بان يقال: ان المستفاد من ذلك حجية كل منهما مع قطع النظر عن المعارضة، واما بسبب الخصوصيات المذكورة فيها.
فان أريد الاستدلال بها على النحو الأول، فيرد عليه ان صرف التصدي لبيان العلاج لا يدل على حجية الخبر الذي لم يقطع بصدوره كما هو محل الكلام فان المعارضة لا تنحصر في الاخبار غير المقطوعة إذ يمكن حصول المعارضة بين الخبرين الذين نقطع بصدور كليهما، بان يكون أحدهما صادرا لا لبيان الحكم الواقعي بل لتقية ونحوها الا ترى الأخبار الواردة في بيان أول وقت المغرب؟ حيث إن المتتبع يحصل له القطع بصدور اخبار الاستتار واخبار زوال الحمرة إجمالا ومع ذلك تقع المعارضة بين الطائفتين.
وبالجملة: فالتعارض كما يوجد في الخبرين غير المقطوعين، كذلك ربما يوجد في المتواترين أو المحفوفين بما يوجب القطع بصدورهما، فصرف بيان العلاج للتعارض لا يدل على حجية الخبر الذي لم يقطع بصدوره.
وان أريد الاستدلال بالخصوصيات المذكورة في بعض الأخبار العلاجية مثل إطلاق الخبرين [1] في قوله: (إذا ورد عليكم خبران مختلفان) ومثل قوله في بعضها: (خذ بأعدلهما)، ومثل قوله أيضا في بعضها: (يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين)، فيرد عليه، ان ما اشتمل منها على الخصوصيات التي يمكن الاستدلال بها ليست بالغة حد التواتر الاجمالي فلا مجال للاستدلال بها، فالأولى ذكر ما اشتمل على هذه الخصوصيات في عداد الطائفة الرابعة.
وملخص الكلام في المقام، هو ان الاخبار التي ذكرها الشيخ (قده) لا تبلغ حد التواتر الاجمالي فان الطائفة الرابعة بعد تصريحه بعدم دلالة كل فرد فرد منها ودلالة المجموع من حيث المجموع ترجع إلى دال واحد فهي بمنزلة خبر واحد. والطائفة الثالثة قليلة جدا و الطائفة الأولى قد عرفت حالها فبانضمام هذه إلى الثانية يشكل حصول القطع بصدور واحد منها [1] ليس هذا الاطلاق في مقام البيان حتى يصح التمسك به ح - ع - م.