العبد له، كان وجودهما بهذا الترتيب ممكنا إذ الزمان في هذا الفرض فارغ عن الفعل فيمكن للعبد اشتغاله بالفعل الاخر الذي هو ضده.
فبهذا الوجه نصحح الامر بالأهم مطلقا والامر بالمهم في صورة عصيان الأهم التي هي صورة عدم تأثيره في نفس العبد.
هذا كله فيما يتعلق بالضدين، واما ما نحن فيه، فلا يجري فيه هذا البيان، إذ الفعل المحرم واقعا إذا قامت الامارة على وجوبه - مثلا - يلزم بناء على الترتب، اجتماع الإرادة والكراهة في نفس هذا الفعل، و ليس هناك فعلان يكون أحدهما محكوما بحكم والاخر بخلافه، وهذا بخلاف مسألة الضدين، حيث عرفت ان متعلق كل من الطلبين امر غير متعلق الاخر. [1] هذا ولعلنا نصحح الترتب في بعض فروض المسألة سنشير إليها إن شاء الله في اخر المبحث.
[1] أقول: قد عرفت ان موضوع الحكم الظاهري يخالف موضوع الحكم الواقعي بحسب العنوان، وهذا يكفي في المقام، وجريان الترتب في المقام أولى من جريانه في مسألة الضدين، إذ الامر بالأهم قد تنجز هناك ومع ذلك كان عدم تأثيره في نفس العبد مصححا للامر بالمهم في رتبة عدم تأثيره، وفيما نحن فيه، الحكم الواقعي لم يبلغ مرتبة التنجز وقد خاب وخسر عن تأثيره في نفس العبد فلم لا يصح إنشاء الامر متعلقا بعنوان مجهول الحكم إذا كان مشتملا على المصلحة، مع أن ظرف الجهل ظرف عدم تأثير الحكم الواقعي فلم ينقدح في نفس المولى إرادة الانبعاث من قبله.
فان قلت: ان كانت صلاة الجمعة - مثلا - بحسب الواقع واجبة وأدت الامارة إلى حرمتها، يكون لازم ترتب الخطاب الظاهري على الواقعي الامر بترك الجمعة ان لم يؤثر الامر الواقعي، في نفس العبد حتى يأتي بها، ومحصل ذلك، لزوم ترك الجمعة على فرض تركها و هذا طلب للحاصل:
قلت: الخطاب الظاهري لا يتعلق بعنوان ترك الجمعة، بل يتعلق بعنوان الجهل بالواقع، فلا محذور في البين، وهذا كما في الاحكام المتعلقة بذوات الافعال، مع أن المكلف لا يخلو، اما ان يكون آتيا للفعل بحسب الواقع، أو تاركا له، والأول طلب الحاصل، والثاني طلب المحال، والجواب ان الطلب يتعلق بنفس عنوان الفعل لا بشرط الاتيان أو الترك. فافهم.
ولو سلم ذلك، فنفرض الترتب فيما إذا كان هناك أمران تعلق الوجوب مثلا بحسب الواقع بأحدهما وبحسب الظاهر بالاخر كما في مثال الظهر والجمعة فلا يرد محذور.
هذا كله بناء على كون القدرة شرطا في الفعلية، واما إذا قيل بكونها شرطا للتنجز فقط، فالترتب في المسألة وفي مسألة، الضدين، ترتب في التنجز فقط، بمعنى ان تنجز المهم مثلا مشروط بعدم تنجز الأهم، والا فكلاهما فعلى في عرض واحد من دون ترتب.
ولنا لاثبات هذا المعنى مشيا بديعا ليس المقام مقام ذكره. فافهم. ح - ع - م.