هو امر وجوبي يجب امتثاله وقد عدت في الاخبار لهذه الطبيعة أجزأ وجوبية وأجزأ ندبية وتصوير كون الشئ مندوبا مع جزئيته لا يعقل الا بما ذكرنا من كون الطبيعة مشككة ويكون هذا جز لمرتبة منها، وحيث إن الامر الوجوبي لم يتعلق بمرتبة خاصة من طبيعة الصلاة بل تعلق بصرف الطبيعة، فلا محالة يصير هذا الامر داعيا إلى إيجادها في ضمن فرد من افرادها، والفرض ان لها افرادا طولية، فكل فرد أتى به العبد يصير بتمامه مصداقا لهذه الطبيعة المأمور بها و قد كان الداعي إلى إتيان الطبيعة المنطبقة على هذه الاجزاء بأجمعها، هذا الامر الوجوبي، فان العبد وان أتى بالفرد المشتمل على القنوت والتسبيحات الثلاثة ونحوهما من المستحبات ولكن لما كانت هي أيضا جز من الطبيعة المأمور بها وكانت الواجبات و المستحبات بأجمعها منطبقة لهذا العنوان، فلا محالة يكون الامر الوجوبي الداعي إلى إتيان الطبيعة، داعيا إلى الأجزاء المستحبة أيضا، وتكون هي أيضا متعلقة للامر الضمني.
ومعنى استحبابها ليس الا انه كان للعبد تركها في مقام العمل، إذ الفرض ان الطبيعة المأمور بها تنطبق على الباقي أيضا، غاية الأمر، بمرتبة أخس من الأول. فالعبد الآتي بالمرتبة الكاملة أيضا لا يمتثل الا امرا واحدا كغيره ممن يأتي بالناقصة إذ الفرض عدم ثبوت امر في المقام سوى امر واحد وجوبي تعلق بصرف الطبيعة اللا بشرط ولولا الالتزام بذلك، لوجب القول بكون كل من القنوت ونحوه متعلقا لامر ندبي استقلالي وقد عرفت ان هذا ينافي الجزئية لان الامر المتعلق بالجز ضمني لا استقلالي.
إذا عرفت ما ذكرنا وتبين لك ان الداعي إلى الأجزاء الواجبة و المستحبة بأجمعها، امر واحد وجوبي تعلق بأصل الطبيعة، فإذا دار امر شي بين كونه جزا وجوبيا أو ندبيا، بعد ما ثبت أصل جزئيته فلا يوجب الدوران فيه، إخلالا بوجهه على فرض اعتبار قصد الوجه في الاجزاء أيضا كما لا يخفى.
ثم إن الظاهر، عدم إمكان تصوير الجز الندبي الا بما ذكرناه من فرض الصلاة عنوانا عرضيا مشككا ينطبق على الاجزاء.
وليعلم انه كما يمكن اختلاف مصاديق هذه الطبيعة بالنسبة إلى شخص واحد في حال واحد، فكذلك يمكن اختلافها بالنسبة إلى الحالات المختلفة حتى بالنسبة إلى الأجزاء الواجبة فبالنسبة إلى الحاضر مثلا يتوقف صدق هذا العنوان العرضي على أمور لا يتوقف عليها بالنسبة إلى المسافر وهكذا بالنسبة إلى ساير الحالات من الصحة و المرض بأقسامه والخوف والامن و