قصد الوجه بل الامتثال الاجمالي لو أخل فيها بشئ فإنما يخل بقصد القربة والامر، والاشكال المتوهم فيها، انما هو لزوم الاخلال به، لا بقصد الوجه وقد عرفت ان هذه الصور ثلاث حتى تصير مع الصورة السابقة أربع ونضيف إليها هنا صورة خامسة:
وهي ما إذا احتمل وجود امر عبادي من دون اقتران بالعلم الاجمالي فمع عدم احتساب الصورة السابقة التي عرفت حكمها تفصيلا، يوجد صور أربع [1] للاحتياط في العبادة مشتركة في الحكم.
وتفصيلها: انه اما ان يعلم بوجود الامر إجمالا ويتردد متعلقه بين المتباينين واما ان يحتمل وجود الامر بشئ من دون اقتران بالعلم الاجمالي وعلى كلا التقديرين، فالامر المعلوم أو المحتمل اما نفسي استقلالي واما ضمني انبساطي. مثال المعلوم الاستقلالي، ما إذا تردد الواجب بين القصر والاتمام، ومثال المعلوم الضمني، ما إذا تردد الجز بين القراءة الجهرية والاخفاتية ومثال المحتمل الاستقلالي، ما إذا احتمل وجوب صلاة مثلا ومثال المحتمل الضمني ما إذا احتمل جزئية شي للواجب التعبدي. والصور الأربع، تشترك في أن كيفية إطاعتها تباين مع صورة العلم التفصيلي بالامر، إذ في صورة العلم التفصيلي بالامر يكون هو الداعي إلى إتيان الفعل و يوجد الفعل بقصد الامر الذي علم تعلقه به وهذا بخلاف تلك الصور الأربع فان الداعي إلى إتيان الفعل فيها هو احتمال الامر.
نعم بين صورتي العلم وصورتي الاحتمال فرق ما، إذ في صورتي العلم يكون الداعي أولا وبالذات هو نفس الامر المعلوم لا بمعنى انه يدعو إلى كل واحد من الطرفين بخصوصهما، بل بمعنى انه يدعو إلى متعلقه أعني الواجب في البين وجهل المكلف به بخصوصه دعاه إلى إتيان الطرفين واما في صورتي الاحتمال فالامر غير مكشوف ولو إجمالا فلا دخالة له في الداعوية أصلا فاحتمال الامر يكون داعيا لا الامر المحتمل.
وكيف كان فكيفية الامتثال في تلك الصور تخالف صورة العلم التفصيلي، فلو كان فيها إخلال بشئ مما يعتبر في العبادة، فإنما هو الاخلال بالقربة واما الوجه فيها فمعلوم انه الوجوب لعدم تردده بينه و بين الندب.
[1] وهنا صورة أخرى أيضا لم يذكرها الأستاذ مد ظله، وهي، ما إذا علم بتعلق الامر بشئ بنحو الاستقلال ودار الامر بين كونه وجوبيا أو استحبابيا كغسل الجمعة مثلا. ح - ع - م.