بحيث يجب على العبد لاحرازها الوقوع في الكلفة بالاحتياط، أو لعل الاحتياط والجمع بين الأطراف يشتمل على مفسدة أقوى من ملاك الواقع، ففي هذه الصورة للمولى، الترخيص في جميع الأطراف أو في بعضها، فلا مانع من أخذ إطلاق أدلة الأصول ورفع اليد عن ظهور لا تشرب في فعليته بالنسبة إلى جميع الافراد، ولكن هذا لا يجري فيما إذا كان الحجة على التكليف الفعلي، هو العلم والجزم فان الفعلية المستفادة من ظهور إطلاق أو أمارة أخرى، مما يحتمل خلافها، فيمكن ان يرخص في مخالفتها وينكشف بذلك عدم فعلية الواقع، و اما العلم فلا يتمشى فيه احتمال الخلاف، فالعلم بالتكليف الفعلي الحتمي مما تجب موافقته ويثبت استحقاق العقوبة على مخالفة نفسه من دون دخالة للطرف الآخر في ذلك.
هذا كله، تفصيل الكلام بالنسبة إلى العلم واما حكم ساير الحجج الاجمالية فتفصيل جريان الأصول في أطرافها موكول إلى مبحث البراءة والاشتغال، فان المناسب في مبحث القطع بيان حال العلم فقط والمبحوث عنه في ساير الحجج الاجمالية، هو جواز إجراء الأصول في أطرافها وعدم جوازه والمناسب لهذا البحث، هو مبحث البراءة فانتظر.
ثم إن (المحقق الخوانساري) و (القمي) أيضا صرحا بوجوب الموافقة القطعية وعدم إمكان الترخيص في صورة تعلق العلم الاجمالي بالتكليف الفعلي ومناقشتهما انما هو في وجوب العمل بالحجج الاجمالية الأخرى فراجع كلامهما.
ثم إنه ربما يستشكل على ما ذكرنا من وجوب الموافقة القطعية وعدم إمكان الترخيص أو جعل البدل في صورة تعلق العلم والجزم بالتكليف الفعلي بما نراه من قناعة الشارع في مقام الامتثال بالمشكوك، كما في قاعدتي (الفراغ) و (التجاوز) و (الشك بعد الوقت) و ساير موارد الشكوك التي حكم فيها بصحة العمل مع العلم تفصيلا بوجوب العمل المشكوك في صحته.
وفيه: ان مقتضى حكم الشارع بعدم الاعتناء في (قاعدة الفراغ) و نحوها، كون المأتي به مصداقا للطبيعة المأمور بها وكونه مجزيا، غاية الأمر، كونه فردا طوليا وافيا بغرض المأمور به في حال الشك فقط وقد ذكرنا تفصيل ذلك في مبحث الاجزاء فراجع.
واما الشك بعد الوقت، فيما إذا شك في أصل إتيان العمل، فمقتضى حكم الشارع فيه بعدم الاعتناء هو رفع اليد عن الواقع على فرض عدم الاتيان به واقعا، تسهيلا على المكلف وإلا فلا معنى لبقاء الواقع على ما هو عليه من الحتمية مع الاذن في تركه.
وبالجملة: فكل مورد وردت أمارة أو أصل في مورد العلم، فلا محيص عن القول بكفاية مؤداه