تلك العناوين عليها، فقد ينطبق عليها عنوان حسن، فيحكم بحسنها و قد ينطبق عليها عنوان قبيح، فيحكم بقبحها وقد يتوارد عليها العنوانان فيتزاحمان ويكون الحسن أو القبح تابعا لا قوى الجهتين.
وبالجملة، فحسن العناوين وقبحها ذاتيان وليسا دائرين مدار انطباق عناوين أخرى عليها إذ الانطباق انما يكون على المعنونات الموجودة في الخارج لا على العناوين. واما حسن المعنونات و قبحها، فبتبع انطباق العناوين وفي صورة توارد العناوين المختلفة يكون حسنها وقبحها تابعين لما هو الأقوى من الجهتين وعلى فرض التساوي لا تتصف بالقبح ولا بالحسن.
الأمر الثاني:
ان العناوين التي يوجب انطباقها على الافعال، استحقاق الثواب أو العقاب، عبارة عن العناوين الراجعة إلى جهة المولوية وهي التي تنتزع من الافعال بجهة انتسابها إلى المولى كعنوان الظلم على المولى وعنوان الطغيان والعصيان وصيرورة العبد بسبب فعله خارجا عن رسم العبودية ونحو ذلك من العناوين المستقبحة وكذا أضدادها الحاكية عن كيفية رابطة العبد مع المولى.
واما العناوين القبيحة أو الحسنة الأخرى التي لا ترجع إلى جهة المولوية فلا ارتباط لها بباب الثواب والعقاب كما لا يخفى.
إذا عرفت ذلك فنقول: ان العبد إذا قطع بحرمة فعل مثلا وأتى به و اتفق كونه واجبا، فاما ان ينظر إلى نفس الفعل وكيفية تأثيره في نفس المولى وكونه محبوبا له أو مبغوضا له واما ان ينظر إلى جهة صدوره من الفاعل وجهة انتسابه إلى المولى، فإن كان النظر على النحو الأول فنحن نسلم تزاحم الجهات في حسن الفعل وقبحه ولعل الفعل بما هو، يكون محبوبا للمولى مع كون العبد متجريا فيه لحصول قتل أعدى أعدائه مثلا ولكن لا ارتباط لهذا الحسن والقبح الفعلي وهذه المحبوبية والمبغوضية بباب الثواب والعقاب كما عرفت آنفا في الأمر الثاني.
واما إذا وقع النظر إلى هذا الفعل على النحو الثاني وانه وقع هتكا لحرمة المولى وخارجا به العبد عن رسم العبودية، فلا محالة يحكم العقل باستحقاق العقوبة ولا يزاحمه في هذه الجهة جهة الواقعية لما عرفت من عدم ارتباطها بجهة الثواب والعقاب.
فتلخص مما ذكرنا، ان المتجري كالعاصي يستحق العقاب بفعله ولكن لا بجهته الواقعية بل بجهة صدوره عنه، ظلما وطغيانا على المولى ولا فرق في ذلك بين كون الفعل بحسب الواقع قبيحا أو حسنا أو غير ذلك.