لحكم العقل بقبح الفعل وهو كونه هتكا لحرمة المولى وطغيانا عليه.
هذا مضافا إلى أنه يرد عليه أولا: انه لا يكون صدور المعصية والتجري دائما عن خبث سريرة العبد بل العبيد في ذلك مختلفة فبعضهم يقدم على المعصية من جهة خبث السريرة وسوء الباطن وكونه غير ملتزم بعبودية المولى، وبعضهم يقدم عليها مع عدم خبث الباطن و مع كونه مؤمنا بالمولى خائفا منه، غاية الأمر انه تغلب عليه الشهوة آنا ما فيصدر منه العصيان ثم يتوب بمقتضى حسن باطنه وبقاء فطرته الأصلية.
وبالجملة: فخبث الباطن أمر لا يكشف عنه العصيان والتجري لعدم التلازم، والتقبيح انما هو على الفعل الذي هو مصداق التجري و الهتك.
وثانيا: ان خبث السريرة ليس أمرا اختياريا حتى يدور التقبيح و استحقاق العقوبة مداره، فافهم.
نعم قد يتيسر ببعض المعالجات الصعبة رفعه.
ثم إن المحقق الخراساني استأنف في هذا المقام ما ذكره في مبحث الطلب والإرادة وقد حررنا في ذلك المبحث فساد ما ذكره فراجع . [1] [1] أقول: يمكن ان يقع النظر في مواقع مما ذكره الأستاذ مد ظله:
الأول: ما ذكره أولا من (ان ثبوت الحرمة لمقطوع الحرمة يوجب التسلسل).
وفيه: انا لا نسلم لزوم التسلسل، إذ فعلية الحكم المتعلق بالموضوع يتوقف على تحقق موضوعه خارجا فثبوت الاحكام غير المتناهية يتوقف على تحقق العلوم غير المتناهية في ذهن العبد وحيث لا يتحقق هذا فلا يتحقق ذاك وبالجملة، تنتهي سلسلة الاحكام بانتهاء سلسلة الالتفاتات.
الثاني: ما ذكر مد ظله، من (ان الجهة الأولى مما يمكن ان يقع البحث عنها هو ان مقطوع الحرمة هل يصير حراما أم لا وان مقطوع الوجوب هل يصير واجبا أم لا).
وفيه: ان القائلين بحرمة التجري لا يفرقون بين ما إذا قطع بالحرمة أو بالوجوب ففي كليهما يثبتون الحرمة كما يشهد على ذلك عنوان الباب، غاية الأمر ان متعلقها في الثاني، هو الترك.
الثالث: ما ذكره مد ظله في رد الشيخ أولا (من إطلاق الحجة على القطع المخالف).
وفيه: ان الحجة عبارة عما يحتج به المولى على العبد ويصير سببا لاستحقاقه العقوبة وهذا يختلف على القولين فعلى القول بقبح التجري يكون القطع تمام الموضوع لذلك ولا أثر للواقع في إيجاب العقوبة فلا معنى لتنجز الواقع إذ العقاب ليس دائرا مداره.
نعم: على القول بعدم قبحه يكون القطع جزا للموضوع فيكون العقاب دائر مدار الواقع المنجز وليس معنى