الرقبة المؤمنة أيضا مطلقة بالنسبة إلى القيود التي يمكن أن تنضم إليها.
وعلى ما ذكر فلا يكون ملاك الاطلاق أمرا وجوديا، بل يكون أمرا عدميا، أعني به عدم لحاظ حيثية أخرى وراء حيثية الطبيعة، وإطلاق لفظي الاطلاق والتقييد في المقام ليس من باب اصطلاح خاص، بل هو باعتبار معناهما اللغوي، فإن الاطلاق بحسب اللغة هو الارسال، و يعبر عنه بالفارسية (رها كردن)، وفي مقابله التقييد، ومعناه جعل الشئ في قيد ويعبر عنه بالفارسية (زنجير كردن)، والرقبة في (أعتق رقبة) تكون مرسلة أي غير مقيدة، وفي (أعتق رقبة مؤمنة) تكون في قيد.
فإن قلت: إن جعل الحكم على نفس الطبيعة أعم من كونها تمام الموضوع، إذ لعلها مهملة فلا بد في الاطلاق من لحاظ السريان.
قلت: الاهمال إنما يتصور في مقام الاثبات ولسنا فعلا بصدد بيان ما هو ملاك الاخذ بالاطلاق في مقام الاثبات، إذ الكلام يأتي فيه عن قريب، بل الكلام فعلا إنما هو في مقام الثبوت وجعل الحكم، و معلوم أن جاعل الحكم للرقبة مثلا قد يجعله لها بحيث لا يلاحظ حين الجعل أمرا وراء هذه الحيثية، وقد يجعله للرقبة مع قيد آخر، ولا يعقل الاهمال في مقام الثبوت، فتأمل. [1] [1] أقول: قال في نهاية الدراية في مبحث اعتبارات الماهية ما حاصله:
إن الماهية إذا لوحظت وكان النظر مقصورا على ذاتها من دون نظر إلى الخارج من ذاتها فهي الماهية المهملة التي ليست من حيث هي إلا هي، وإذا نظر إلى الخارج من ذاتها فإما أن تلاحظ بالإضافة إلى هذا الخارج مقترنة به بنحو من الانحاء فهي البشرط شي. وإما أن تلاحظ بالإضافة إليه مقترنة بعدمه فهي البشرط لا، وإما أن تلاحظ بالإضافة إليه لا مقترنة به، ولا مقترنة بعدمه فهي اللا بشرط، و حيث أن الماهية يمكن اعتبار أحد هذه الاعتبارات معها بلا تعين لاحدها، فهي أيضا لا بشرط من حيث قيد البشرط شي وقيد البشرط لا وقيد اللا بشرط، فاللابشرط حتى عن قيد اللا بشرطية هو اللا بشرط المقسمي، واللا بشرط بالنسبة إلى القيود التي يمكن اعتبار اقترانها وعدم اقترانها هو اللا بشرط القسمي.
وقال أيضا: إن نفس الماهية من حيث هي غير واجدة إلا لذاتها و ذاتياتها، وأما إذا حكم عليها بأمر خارج من ذاتها فلا محالة تخرج من حد الماهية من حيث هي، فيكون المحكوم عليه هو الماهية بأحد الاعتبارات الثلاثة.
وقال أيضا: كما أن المتقيد به الماهية في البشرط شي والبشرط لا نفس المعنى المعتبر لا بما هو معتبر ولا اعتباره، كذلك اللا بشرط القسمي، فإن قيد الماهية هو عدم لحاظ الكتابة وعدمها لا لحاظ عدم اللحاظ، فهذه الاعتبارات مصححة لموضوعية الموضوع على الوجه المطلوب لا أنها مأخوذة فيه.