الملحوظ ففي القسم الأول هو نفس الماهية، وفي القسم الثاني هو الماهية مع أحد من قيودها الوجودية، وفي القسم الثالث هو الماهية مع عدم كون شي معها، ففي كلا القسمين الأخيرين يتعدى اللحاظ من الماهية إلى شي آخر.
وبالجملة: ليس التقسيم لنفس الماهية، إذ هي ليست إلا قسما واحدا، وهو الماهية البشرط شي، فإنها التي تتحقق في الخارج، بل التقسيم لاعتبار الماهية ولحاظها، ولاجل ذلك اشتهر بينهم أن اعتبارات الماهية ثلاثة، وعلى هذا فليس هنا لا بشرطان: قسمي ومقسمي، كما توهموه.
وحيث عرفت أن تقسيم لحاظ الماهية إنما هو لبيان أن معروض وصف الكلية في الذهن هو الملحوظ بأي قسم من اللحاظات الثلاثة، و عرفت أيضا أن الملحوظ في القسم الأول هو نفس الماهية بخلاف القسمين الآخرين، فلا محالة يجب الاذعان بأن الكلي الطبيعي - أعني ما يعرضه وصف الكلية في الذهن - هو الملحوظ في القسم الأول، أعني نفس الماهية، وإن شئت قلت:
إن الكلي الطبيعي هو القسم الأول، لكن مع حذف اللحاظ واعتبار الملحوظ فقط. وأما على مذاق من جعل التقسيم لنفس الماهية، و جعل المقسم نفسها، والقسم الأول عبارة عن الماهية المقيدة بكونها لا بشرط، فلا محالة يتعين الكلي الطبيعي في المقسم، كما هو واضح، فتدبر. [1] هذا كله [1] أقول: لا يخفى أن التقسيم عبارة عن ضم قيود إلى المقسم الواحد، حتى يحصل بضم كل قيد إليه قسم في قبال الاقسام الاخر التي يتحقق كل منها بضم قيد آخر، ولا بد من أن تكون القيود متقابلة، كما هو واضح. وعلى هذا فليس تقسيم القوم تقسيما صحيحا، حيث جعلوا القيد في القسم الأول عبارة عن نفس مفهوم اللا بشرطية التي هي أمر ذهني، فيجب بمقتضى المقابلة أن يجعل القيد في القسمين الأخيرين أيضا عبارة عن نفس مفهوم البشرط شيئية والبشرط لائية، حتى تصير القيود الثلاثة كلها ذهنية متقابلة، وهم قد جعلوا التقييد باللابشرطية في القسم الأول في قبال التقييد ببعض القيود الخارجية أو التقييد بعدمها، فلا يحصل التقابل بين القيود حينئذ، ولو جعلوا القيد في البشرط شي أعم من القيود الخارجية والذهنية لم يكن اللا بشرط القسمي قسما على حدة، بل كان داخلا في البشرط شي.
والحاصل أن التقسيم يجب أن يكون إما بلحاظ القيود الذهنية فقط أو الخارجية فقط أو بلحاظ الأعم منهما فعلى الأول تكون القيود عبارة عن مفهوم اللا بشرطية والبشرط شيئية والبشرط لائية، و تشترك الأقسام الثلاثة في عدم الوجود خارجا، وعلى الثاني لا يصح اعتبار اللا بشرطية قيدا، حتى يحصل قسما في قبال القسمين الآخرين، وعلى الثالث يدخل اعتبار اللا بشرطية في البشرط شي، فليس قسما على حدة أيضا.
فتدبر.
وبما ذكرنا من لزوم تقابل القيود في التقسيمات ظهر فساد ما ربما يتوهم في المقام من تربيع الاقسام بناء على