اسم الجنس الذي يعد من مصاديق المطلق وضع لنفس الماهية من حيث هي، أعني اللا بشرط المقسمي أم للطبيعة الملحوظ معها عدم لحاظ شي معها، أعني اللا بشرط القسمي، هذا ما ذكروه في المقام.
ونحن نقول: ما دعا القوم إلى تقسيم الماهية إنما هو تعيين ما يعرضه وصف الكلية، أعنى الكلي الطبيعي وبيان أنه موجود في الخارج أم لا، فإنهم لما رأوا أن الماهية يمكن أن توجد في الذهن وحدها، و يمكن أن توجد فيه مقيدة بوجود شي معها، ويمكن أن توجد فيه مقيدة بأن لا يكون معها شي، فلا محالة احتاجوا إلى تحقيق الأقسام الثلاثة الموجودة في الذهن، حتى يتبين أن ما هو معروض وصف الكلية في الذهن، وما وقع النزاع في وجوده في الخارج أي قسم من الأقسام الثلاثة ، وعلى هذا فليس التقسيم - حقيقة - لنفس الماهية، ولو في ظرف الخارج، بل التقسيم إنما يكون للماهية في ظرف لحاظها، فإنه ظرف عروض وصف الكلية، فالتقسيم أولا وبالذات النفس اللحاظ والاعتبار، أعني الوجود الذهني، وينسب إلى الماهية الموجودة بهذا اللحاظ ثانيا وبالعرض، فالمقسم ليس نفس الماهية من حيث هي هي، بل المقسم هو لحاظ الماهية واعتبارها، وينقسم هذا المقسم إلى أقسام ثلاثة:
الأول: أن يتعلق اللحاظ بالماهية فقط، بحيث لا يتعدى اللحاظ من نفس الماهية إلى شي آخر من القيود الوجودية والعدمية.
الثاني: أن يتعلق بالماهية المقيدة بشئ وراء ذاتها، فقد تعدى اللحاظ في هذا القسم من نفس الماهية إلى أحد من قيودها فصار ملحوظا معها.
الثالث: أن يتعلق بالماهية المقيدة بعدم كون شي - مما هو وراء ذاتها - معها، فقد تعدى اللحاظ في هذا القسم أيضا من نفس الماهية إلى أمر آخر وراء ذاتها، وهو عدم كون شي معها، فالملحوظ في القسم الأول هو نفس الماهية، وفي القسم الثاني والثالث هو الماهية مع شي آخر وجودي أو عدمي.
وبهذا البيان يختلف المقسم والاقسام، فإن المقسم هو اعتبار الماهية ولحاظها، والقسم الأول هو لحاظ الماهية حال كون اللحاظ مقيدا بعدم تعديه من نفس الماهية إلى أمر آخر، والقسم الثاني هو لحاظها حال كون اللحاظ مقيدا بتعديه من الماهية إلى أحد من قيودها و حالاتها، والقسم الثالث هو لحاظها حال اللحاظ مقيدا بتعديه من الماهية إلى عدم كون شي معها، فنفس اللحاظ هو المقسم، وفي كل واحد من الأقسام الثلاثة قد انضم إليه قيد به امتاز القسم من المقسم، و أما