السريان، كمقدمات الحكمة مثلا.
فحاصل كلام القوم يرجع إلى دعاوى أربع:
الأولى: أن اسم الجنس مثلا موضوع للماهية المهملة.
الثانية: أن السريان خارج من ذاتها، ويكون بالنسبة إليها كالعرض المفارق.
الثالثة: أن ثبوت السريان لها بحسب مقام الثبوت وجعل الحكم يتوقف على لحاظه. الرابعة: أن إحراز الاطلاق في مقام الاثبات يتوقف على إحراز هذا اللحاظ.
هذه خلاصة مغزاهم في باب الاطلاق. وفيه نظر: بداهة أن السريان أمر ذاتي للطبيعة.
لا يحتاج إلى لحاظ وراء لحاظ نفس الطبيعة، إذ ليس المراد بالشياع و السريان إلا حكاية الطبيعة لمصاديقها واتحادها معها خارجا، و الطبيعة بذاتها تحكي مصاديقها، بما هي وجودات لها، ولا يعقل انفكاك هذه الخاصية من الطبيعة، لا أقول: إن مفهوم السريان مأخوذ في الطبيعة، بل أقول: إنه من قبيل الخارج المحمول المنتزع عن نفس الطبيعة، بلا احتياج إلى لحاظ أمر وراء لحاظ نفس الطبيعة، فالسريان ذاتي للطبيعة بهذا المعنى، بل لحاظ مفهوم السريان وضمه إلى الطبيعة مما يخرجها من السريان، لكونه قيدا ذهنيا، كما لا يخفى.
وبالجملة: ليس ملاك الاطلاق ثبوتا لحاظ سريان الماهية قيدا لها، ولا لحاظها في حال السريان، بل الملاك في الاطلاق والتقييد هو ما أشرنا إليه في صدر المبحث: من أن الطبيعة الواقعة موضوعة للحكم إن كانت تمام الموضوع لهذا الحكم، بحيث كان الملحوظ في مقام الموضوعية هو نفس حيثية الطبيعة من دون أن تؤخذ معها حيثية أخرى سميت مطلقة، وإن لم تكن كذلك، بل انضم إليها أمر آخر، و كان كل منهما دخيلا في الموضوعية سميت مقيدة، فملاك الاطلاق و تساوي نسبة الافراد في الحكم عبارة عن كون نفس حيثية الطبيعة تمام الموضوع، بحيث لم يلحظ أمر وراء ذاتها وإن كان هذا الامر هو السريان، فإذا جعل نفس حيثية الطبيعة تمام الموضوع فبسريانها الذاتي إلى جميع وجوداتها يسري الحكم أيضا إليها، وملاك التقييد عبارة عن عدم كون نفس الحيثية تمام الموضوع، بل هي مع قيد آخر يمنع عن سراية الحكم بسراية الطبيعة، فالمولى قد يرى أن تمام غرضه يحصل بعتق الرقبة مثلا ومن دون أن يكون لحيثية أخرى دخل في متعلق غرضه، فيجعل نفس طبيعة الرقبة موضوعة لحكمه، وتسمى الرقبة حينئذ مطلقة، وقد يرى أن تمام غرضه إنما يحصل بعتق الرقبة المؤمنة، فيكون لحيثية الايمان أيضا دخالة فيه، فيجعل الموضوع عبارة عن الرقبة المؤمنة، فتصير الرقبة جزا للموضوع و تسمى الرقبة حينئذ مقيدة. نعم،