وقد ظهر بما ذكرنا فساد ما في الكفاية، حيث يظهر منه شمول الخطابات الشرعية للمعدومين، باعتبار وضوح عموم الحكم لهم، و جعل ذلك قرينة على عدم كون تلك الخطابات حقيقية. وجه الفساد هو ما عرفت من أن شمول الخطابات للمعدومين ليس باعتبار حال العدم، بل باعتبار ظرف الوجود، كيف ولا يكون المعدوم في ظرف العدم مصداقا لقوله تعالى: يا أيها الناس مثلا، وفي ظرف وجوده يكون الخطاب بالنسبة إليه حقيقيا لا ادعائيا، حيث إن الكلام ألقي إليه بداعي الافهام لا بداعي التحسر وأمثاله، فكيف جعل (قدس سره) الخطابات القرآنية خطابات إيقاعية غير حقيقية.
تتمة:
ذكرت للنزاع في الخطابات الشفاهية ثمرتان: الأولى: حجية ظواهر خطابات الكتاب للمعدومين على فرض عمومها لهم. ولا يخفى أن ترتب هذه الثمرة مبني على ما ذهب إليه المحقق القمي من عدم حجية الظواهر إلا بالنسبة إلى من قصد إفهامه، وسنحقق في محله أن ظاهر اللفظ حجة بالنسبة إلى كل من سمعه، سواء قصد إفهامه أم لم يقصد، وتدل على ذلك سيرة العقلا، فلو أمر المولى واحدا من عبيده بشئ، وأمره بتبليغ هذا الحكم إلى سائر العبيد أيضا، وكان سائر العبيد يستمعون ذلك الخطاب من المولى ولكن لم يصل إليهم بوسيلة العبد، فتركوا ما أمر به المولى وعلم بسماعهم لخطابه، كان للمولى عتابهم وعقابهم، وليس هذا العتاب والعقاب قبيحا بنظر العقلا، وليس للعبيد أن يعتذروا بعدم كونهم مقصودين بالافهام، هذه حال الثمرة الأولى، ولا يهمنا التعرض لثانيتهما فراجع.