ويقرب من ذلك ما ذكره في الكفاية، إلا أنه قال ما حاصله: إن ظاهر الجملة الشرطية هو الحدوث عند الحدوث، ومقتضى ذلك عدم التداخل، إذ على التداخل يلزم - على فرض تعاقب الشروط - رفع اليد عن ظهور ما سوى الشرط الأول، والقول بدلالتها على مطلق الثبوت عند الثبوت. ثم تعرض هو (قده) لما تعرض له الشيخ: من كون ظهور الشرط بيانا لرفع اليد عن إطلاق المتعلق.
أقول: تقريب الشيخ (ره) أبعد عن الاشكال من تقريبه (قده) فإن تقريبه يجري في الشروط المتواردة والمتعاقبة معا، بخلاف تقريب صاحب الكفاية، فإنه لا يجري في الشروط المتواردة في زمان واحد، فإن ظهور الشرطين في الحدوث عند الحدوث حينئذ محفوظ، و إن قلنا بالتداخل.
ثم اعلم أن كلمات الشيخ - على ما في تقريرات بحثه - مضطربة، فمن بعضها يستفاد أنه جعل المسبب في المثال المذكور عبارة عن الوجوب، ومن بعضها يستفاد أنه جعله عبارة عن متعلقه أعني التوضؤ، ولا يخفى بطلان الثاني. [1] ومن ذلك يظهر أيضا بطلان ما عن بعض أعاظم العصر: من أن كلا من السببين يقتضي وضوءا فيتعدد، وجه البطلان أن السبب يقتضي وجوب الوضوء لا نفسه، فتأمل. هذه كلماتهم هذا ما يستفاد من كلام الشيخ (قده) عند جوابه عما منع به الفاضل النراقي للمقدمة الثانية من المقدمات الثلاث التي بني عليها أساس استدلال العلامة، ولكن يظهر منه - عند عنوانه لمسألة التداخل في مبحث اجتماع الأمر والنهي - أن ظهور قوله إذا بلت في كون كل فرد من أفراد البول سببا مستقلا أيضا ظهور إطلاقي، فراجع التقريرات.
ثم إن ما ذكر من الظهور العرفي لا يوجد فيما إذا تعدد الشرط واختلفا في الجنس كالبول والنوم مثلا، بل الثابت حينئذ هو الظهور الاطلاقي كما صرح به، فيعارض حينئذ ظهور الشرط لظهور المتعلق، و لا مرجح لأحدهما، اللهم إلا أن ينكر كون ظهور الشرط في السببية التامة الفعلية ظهورا إطلاقيا، وهو كما ترى. كما أن إشكال سيدنا الأستاذ (مد ظله) بعدم ناظرية أحد الشرطين إلى الاخر أيضا يجري في مختلفي الجنس، دون متحدة، لتسليمه إمكان الامر بفردين من طبيعة واحدة بخطاب واحد ثبوتا، وإن كان وجوب كل منهما استقلاليا، فإذا أمكن ذلك ثبوتا حكمنا بتحققه لاستدعاء كل سبب مستقل مسببا مستقلا، وعلى هذا فمقتضى كلام الشيخ (قده) وكلام السيد الأستاذ (مد ظله العالي) عدم التداخل في متحدي الجنس، دون غيره عكس تفصيل الحلي (قده). ح - ع - م.
[1] يستفاد من كلامه (قده) لجعل المسبب نفس الوضوء توجيه متين، وقد ذكر في الدرر أيضا فراجع ح - ع - م.