جاءك زيد فأكرمه، إذا كان الغرض إنشاء الوقف أو الوجوب بنفس هذا الكلام.
وقد اتضح بما ذكرنا أن ثبوت المفهوم في الجمل الانشائية المولوية محل إشكال، ولا يختص الاشكال بباب الأوقات والوصايا و نحوهما.
نعم قد عرفت أن الأوامر والنواهي الواردة عن النبي صلى الله عليه و آله والأئمة عليهم السلام وزانها وزان الجمل الخبرية، فيثبت فيها المفهوم.
وأما المحقق الخراساني فقال إن الأوامر والنواهي المولوية أيضا مشتملة على المفهوم، وقال في بيان ذلك: (إن المفهوم هو انتفاء سنخ الحكم المعلق على الشرط عند انتفائه لا انتفاء شخصه ضرورة انتفائه عقلا بانتفاء موضوعه ولو ببعض قيوده).
والقول بكون النزاع في السنخ يستفاد من تقريرات بحث الشيخ (قده) أيضا، واستدل على ذلك بأن انتفاء الشخص قطعي لا يقبل الانكار بعد ارتفاع الكلام الدال على الانشاء، ومن لوازم تشخصه عدم سراية ذلك الحكم الثابت به إلى غيره.
أقول: القول بكون المراد في باب المفاهيم انتفاء السنخ، وإن اشتهر بين المتأخرين، وأرسلوه إرسال المسلمات، ولكن لا نجد له معنى محصلا، لوضوح أن المعلق في قولنا: (إن جاءك زيد فأكرمه) مثلا هو الوجوب المحمول على إكرام زيد، والتعليق إنما يدل على انتفاء نفس المعلق عند انتفاء المعلق عليه كما عرفت، وما تفرضه سنخا إن كان متحدا مع هذا المعلق موضوعا ومحمولا فهو شخصه لا سنخه، إذ لا تكرر في وجوب إكرام زيد بما هو هو [1] وإن كان مختلفا معه [1] أقول: وجوب إكرام زيد على تقدير مجيئه يغاير وجوب إكرامه على تقدير عدم المجئ بحسب التشخص، مع اتحادهما موضوعا و محمولا، ولا نعني بالسنخ إلا ذلك. والمعلق على الشرط ليس هو الانشاء ولا المنشأ بقيد تعليقه على الشرط، حتى يقال بانتفائه بانتفاء الشرط عقلا ولا يكون معه مجال للبحث عن المفهوم، بل المعلق على الشرط هو ذات المنشأ وهو وجوب إكرام زيد، وهذا المعنى كما يمكن أن يتحقق على تقدير تحقق الشرط يمكن أن يتحقق على تقدير عدمه، بأن يوجد بإنشاء آخر، ففائدة المفهوم نفي تحققه (على تقدير عدم الشرط) بإنشاء آخر (وبعبارة أخرى) خارجية وجوب إكرام زيد، وإن كانت بالانشاء، ولكنه يمكن أن يوجد لها فردان بإنشاءين يكون المنشأ في أحدهما وجوب الاكرام على تقدير المجئ، وفي الاخر وجوب الاكرام على تقدير عدم المجئ، و التعليق و إن كان يفيد انتفاء نفس المعلق (بانتفاء المعلق عليه) لا انتفاء شي آخر، ولكن المعلق ليس هذا الانشاء ولا المنشأ بقيد التعليق، بل ذات المنشأ، وهو وجوب الاكرام الذي يمكن أن يتحقق عند انتفاء الشرط أيضا بإنشاء آخر.
فالظاهر أن المفهوم - على القول به - يثبت في الانشائيات المولوية أيضا نعم في مثل الأوقاف والوصايا لا