وجود المقتضي لكليهما، فإن وجد أحدهما يكون الاخر معدوما، و لكن لا لوجود المانع بل لعدم المقتضي. وبالجملة لا يكون وجود أحد الضدين مقدمة لعدم الاخر، ولا عدم أحدهما مقدمة لوجود الاخر، لابتناء كليهما على مانعية أحد الضدين للاخر، وقد عرفت عدم المانعية (انتهى).
وفي هذا البيان نظر، لان الترتب الثابت بين أجزأ العلة إنما هو بالنسبة إلى حال التأثير، وأما بالنسبة إلى توقف المعلول عليها فهي بأسرها في عرض واحد، فإذا قيل لك: إن وجود الشئ المعهود على أي شي يبتنى؟ قلت: إنه يبتنى ويتوقف على ثلاثة أشياء: المقتضى، والشرط، وعدم المانع، من دون أن يكون من الترتب اسم في البين، و هذا واضح. [1] إنكار ثمرة المسألة والجواب عنه:
ثم إنك قد عرفت أن ثمرة المسألة - أعني حرمة الضد الخاص - هي بطلانه إذا كان أمرا عباديا، كالصلاة التي هي ضد للإزالة المأمور بها، وقد نقل عن الشيخ البهائي (قده) إنكار هذه الثمرة، بتقريب: أن الامر بالإزالة التي هي أهم من الصلاة وان لم يكن مقتضيا للنهي عن الصلاة، لكنه يقتضي عدم الامر بها، ويشترط في صحة العبادة كونها مأمورا بها.
والوجه في ذلك: أن الامر إنما يصدر عن المولى بداعي البعث و التحريك، ولا يوجد في نفسه هذا الداعي إلا إذا رأى العبد متمكنا من الانبعاث عن أمره، ولما كان انبعاثه نحو الضدين في زمان واحد من المحالات فلا محالة يكون بعث المولى الملتفت نحوهما أيضا من المحالات، لعدم انقداح الداعي لهذا البعث في نفسه.
وبالجملة: الامر بالضدين في زمان واحد بداعي البعث بنفسه محال، لا أنه تكليف بالمحال، وحينئذ فلو كانت الإزالة مأمورا بها في زمان، لم يمكن كون الصلاة مأمورا بها أيضا، وإذا لم تكن مأمورا بها، وقعت غير صحيحة، سواء كان الامر بالإزالة مقتضيا للنهي عنها أم لا.
الجواب بوجوه ثلاثة:
قد أجابوا عن هذا الاشكال بوجوه ثلاثة:
الأول: أن صحة العبادة لا تتوقف على كونها مأمورا بها، بل يكفي فيها وجود الملاك لها [1] وإن شئت قلت: إن الترتب إنما هو في طرف الوجود، وأما في طرف العدم فلا تأثير ولا تأثر، حتى يتحقق الترتب في الاستناد ح - ع - م.