وهذا المعنى من السببية لا ينافي التخطئة، فان المصلحة السلوكية في طول الواقع لا في عرضه، فلم يجتمع في المؤدى مصلحتان أو حكمان متماثلان أو متضادان، بل المؤدى بعد باق على ما هو عليه، غايته أن في سلوك الامارة مصلحة تداركية، فالسببية بهذا المعنى لا ترجع إلى التصويب ولا تنافي الطريقية. وقد تقدم في مبحث الظن: أن من التزم بالمصلحة السلوكية كالشيخ - قدس سره - لم يلتزم بها مطلقا، بل إنما يلتزم بها في خصوص انفتاح باب العلم وتمكن المكلف من تحصيل الواقع، لمكان قبح التعبد بالامارات مع تمكن المكلف من استيفاء المصلحة الواقعية، فلابد وأن يكون في سلوك الامارات مصلحة تداركية. ونحن قد منعنا عن المصلحة السلوكية حتى في صورة انفتاح باب العلم وقلنا بكفاية مصلحة التسهيل في صحة التعبد بالامارات ولو مع تمكن المكلف من إدراك الواقع، فراجع ما ذكرناه في مبحث الظن.
إذا عرفت ذلك فاعلم: أنه لو قلنا بالسببية التي توافق مسلك التصويب، فاندراج الامارات المتعارضة في باب التزاحم واضح إذا كان التعارض لأجل تضاد المتعلقين، كما إذا كان مفاد أحد الدليلين وجوب شئ وكان مفاد الآخر وجوب ضده.
وأما إذا كان التعارض لأجل اتحاد المتعلقين مع اختلاف الامارتين في السلب والايجاب (1) كما إذا كان مفاد أحد الدليلين وجوب الشئ ومفاد