هذا، ولكن التحقيق في الجواب عن الشبهة: هو أن يقال: إن إقرار الصديقة - عليها السلام - بأن فدكا كان لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لا يوجب انقلاب الدعوى، فإنه على فرض صحة قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - " نحن معاشر الأنبياء لا نورث الخ " لا يكون إقرارها بأن فدكا كان لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - كاقرار ذي اليد بأن المال كان لمن يرثه المدعي، فان انتقال الملك من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى المسلمين ليس كانتقال الملك من المورث إلى الوارث، لان انتقال الملك إلى الوارث إنما يكون بتبدل المالك الذي هو أحد طرفي الإضافة، وأما انتقاله إلى المسلمين فإنما يكون بتبدل أصل الإضافة، نظير انتقال الملك من الواهب إلى المتهب ومن الموصي إلى الموصى له.
وتوضيح ذلك: هو أن الملكية عبارة عن الإضافة الخاصة القائمة بين المالك والمملوك، فللملكية طرفان: طرف المالك وطرف المملوك.
وتبدل الإضافة قد يكون من طرف المملوك، كما في عقود المعاوضات، فان التبدل في البيع إنما يكون من طرف المملوك فقط مع بقاء المالك على ما هو عليه، غايته أنه قبل البيع كان طرف الإضافة المثمن وبعد البيع يقوم الثمن مقامه ويصير هو طرف الإضافة.
وقد يكون من طرف المالك، كالإرث: فان التبدل فيه إنما يكون من طرف المالك مع بقاء المملوك على ما هو عليه، غايته أنه قبل موت المورث كان طرف الإضافة نفس المورث وبعد موته يقوم الوارث مقامه ويصير هو طرف الإضافة.
وقد يكون بتبدل أصل الإضافة، بمعنى أنه تنعدم الإضافة القائمة بين المالك والمملوك وتحدث إضافة أخرى لمالك آخر، كما في الهبة، فان انتقال المال إلى المتهب بالهبة ليس من قبيل انتقاله بالإرث ولا من قبيل انتقاله بالبيع، بل انتقاله إليه إنما يكون باعدام الإضافة بين الواهب والموهوب وحدوث إضافة