وتوهم: أن استصحاب بقاء الوضوء إلى الزوال لا يجري - لان استصحاب عدم الحدث إلى زمان الوضوء يقتضي تأخر الحدث عن الوضوء - فاسد، فان استصحاب عدم الحدث إلى زمان الوضوء لا يثبت تأخره إلا على القول بالأصل المثبت، فاستصحاب عدم الحدث إلى زمان الوضوء لا أثر له، لان الأثر المترتب على الحدث إنما هو كونه رافعا للطهارة وناقضا لها، وهذا إنما يكون إذا تأخر الحدث عن الوضوء، واستصحاب عدم الحدث إلى زمان الوضوء لا يثبت التأخر، فلا يجري في الحدث استصحاب بقاء العدم، بل يجري فيه استصحاب بقاء الوجود إلى الزوال الذي هو زمان الشك في المتقدم والمتأخر، ويعارض مع استصحاب بقاء الوضوء إلى الزوال، غايته أن الاستصحاب في طرف الوضوء إنما يكون شخصيا من حيث الزمان للعلم بزمان وجوده، وفي طرف الحدث يكون كليا لعدم العلم بزمان حدوثه، وهذا لا يوجب فرقا بين الاستصحابين، فالأقوى أن الاستصحاب في مرحلة البقاء يجري في كل من الوضوء والحدث ويسقط بالمعارضة وإن علم تاريخ أحدهما وجهل تاريخ الآخر. وقياس مسألة الوضوء والحدث بمسألة إسلام الوارث وموت المورث - حيث إنه لا يجري فيها الاستصحاب في معلوم التاريخ - في غير محله، فان الشك في تلك المسألة إنما كان في الحدوث وفي مسألة الوضوء والحدث انما يكون في البقاء، فما يظهر من الشيخ - قدس سره - من اتحاد حكم المسألتين، ليس على ما ينبغي، فان الفرق بينهما في غاية الوضوح.
هذا كله في الطهارة الحدثية، وكذا الكلام في الطهارة الخبثية، فلو غسل الثوب في مائين: أحدهما طاهر والآخر نجس، فاستصحاب بقاء الطهارة والنجاسة في الثوب يجري ويسقط بالمعارضة، من غير فرق بين كون الماء المغسول به الثوب قليلا أو كثيرا، أو كان أحدهما قليلا والآخر كثيرا، غايته أنه لو كان الماء قليلا فزمان حدوث النجاسة معلوم بالتفصيل دون زمان الطهارة،