للماء الأول وإما أن يكون بملاقاته للماء الثاني. فان كان بملاقاته للماء الأول، فهو وإن كان قد حدث في الثوب فرد آخر من الطهارة، إلا أن حدوثه لم يكن مقارنا لارتفاع الطهارة السابقة، بل قد تخللت النجاسة بين الطهارة المرتفعة والطهارة الحادثة. وإن كان بملاقاته للماء الثاني، فارتفاع الطهارة السابقة إنما يكون من زمان ملاقاته للماء الثاني، ولا يحتمل حدوث طهارة أخرى في الثوب بعد غسله بالماء الثاني. وعلى كلا التقديرين: لا يحتمل حدوث طهارة أخرى في الثوب مقارنة لارتفاع الطهارة السابقة عنه، فاستصحاب الطهارة في المثال يكون أسوأ حالا من استصحاب القسم الثاني من القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلي.
هذا، ولكن فاسد التوهم بمثابة من الوضوح، فإن الطهارة والمستصحبة في المثال إنما تكون شخصية لا كلية، والاجمال والترديد إنما هو في ناحية الزمان، وفرق واضح بين أن يكون المستصحب بنفسه مرددا بين ما هو مشكوك الحدوث وما هو مقطوع الارتفاع - كما في القسم الأول والثاني من القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلي - وبين أن يكون زمان حدوث المستصحب مرددا مع العلم بحدوثه كما في المثال، فإنه يعلم وجدانا بطهارة الثوب في أحد الحالين:
إما في حال غسله بالماء الأول وإما في حال غسله بالماء الثاني، ويشك في ارتفاع الطهارة عنه، فجعل المثال من الاستصحاب الكلي واضح الفساد.
وتوهم: عدم اتصال زمان الشك في الطهارة بزمان اليقين بها، قد عرفت ضعفه. فالأقوى: جريان استصحاب الطهارة في المثال ومعارضته لاستصحاب النجاسة. هذا إذا كان الماء المغسول به الثوب قليلا.
وإن كان كثيرا: فزمان وجود كل من طهارة الثوب ونجاسته لم يكن معلوما بالتفصيل - بناء على عدم اعتبار التعدد وانفصال الغسالة في طهارة المغسول بالماء الكثير - فإنه لا يعلم بنجاسة الثوب في آن ملاقاته للماء الكثير الثاني،