ونحن نتوضأ، فجعلنا نمسح على أرجلنا فنادى بأعلى صوته: ويل للأعقاب من النار. مرتين أو ثلاثا. ورواه فيه (1)، باب من أعاد الحديث ثلاثا، وكذا فيه (2)، باب غسل الرجلين ولا يمسح على القدمين مثله إلا أنه فيه: " وقد أرهقتنا الصلاة صلاة العصر ". والباقي مثله. واكتفى في هذا الباب الأخير لعنوان الباب بهذه الرواية فقط، وأنت كما ترى لا دلالة له على ما عنونه بل هو على خلافه أدل، فإن صريحه مسح الأصحاب على الأرجل، وقوله: " ويل للأعقاب من النار " لا يكون ردعا له، كما هو واضح، لأن العقب بفتح العين وسكون القاف أو كسرها يجئ على معنيين: مؤخر القدم وبمعنى الولد وولد الولد، وجمعه أعقاب يقال أعقاب الرجل أولاده وأولاد أولاده.
ومن موارد معنى الثاني قوله تعالى: * (وجعلها كلمة باقية في عقبه) * الخ، أي في نسله وأولاده. فمن الممكن أن يكون المراد من قوله: " ويل للأعقاب " يعني ويل لأولادكم الآتين حيث يغسلون الرجلين في الوضوء خلافا لله ولرسوله ولا يمسحون.
ولو كان المعنى الأول، لا يدل على الغسل، فإنه من الممكن أن يراد به لزوم التحرز من رشاش البول. وكيف كان، لا دلالة له على خلاف ما استفدنا من صدره.
ورواه في صحيح مسلم، باب غسل الرجلين، عنه، قال: تخلف عنا النبي (صلى الله عليه وآله) في سفر سافرناه، فأدركنا وقد حضرت صلاة العصر. فجعلنا نمسح على أرجلنا، فنادى: ويل للأعقاب من النار.
أقول: كان عبد الله بن عمرو، يكتب كل شئ يسمعه من النبي (صلى الله عليه وآله) يريد حفظه، كما في كتاب التاج الجامع للأصول (3).
ويمكن أن يقال، إن عادة الأعراب البول على عقبيه، كما اشتهر فيهم البوال على عقبيه، ولا يغسلونهما للشقاق الذي فيهما، وكان ذلك عادتهم، ولذا أمرهم