فقال ابن أبي ليلى: هذا عندك؟ قال: نعم، قال: فأرسل وأتني به. قال له محمد بن مسلم: على أن لا تنظر في الكتاب إلا في ذلك الحديث. ثم أراه الحديث عن الباقر (عليه السلام). فرد قضيته. ونقض قضائه بعد الحكم دليل على عدم التعصب فضلا عن النصب. وإخفاء محمد بن مسلم سائر كتابه عنه يمكن تعليله بأنه كان فيه من الأسرار التي لا يمكن إذاعتها لكل أحد، ويمكن تعليله بأمور اخر.
وبالجملة فمن تتبع الأخبار عرف أن ابن أبي ليلى كان يقضي بما عن الصادقين (عليهما السلام)، ويحكم بذلك بعد التوقف، بل ينقض ما كان قد حكم به إذا ما بلغه عنهم خلافه، فكيف يكون من حاله ذلك من النواصب. إنتهى كلامه.
لين: علل الشرائع: عن مولانا الكاظم (عليه السلام) في قوله تعالى: * (فقولا له قولا لينا) * أي كنياه (1). ونحوه عن الصادق (عليه السلام).
ومن كلام مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام): ومن تلن حاشيته يستدم من قومه المودة (2). تقدم في " حشي ".
نهج البلاغة: قال (عليه السلام): من لان عوده، كثف (كثفت - خ ل) أغصانه (3). يعني من تواضع للناس يألفونه ويحبونه فيجتمعون عنده ويتقوى بهم.
وفي وصيته لابنه الحسن (عليه السلام): ولن لمن غالظك، فإنه يوشك أن يلين لك (4).
تقدم في " حدد " و " دود " و " كسب ": الإشارة إلى إلانة الحديد لداود وقوله تعالى: * (ألنا له الحديد) * يعني لداود. يقال: لينت الشئ وألنته، أي صيرته لينا، واللين ضد الخشونة، ومنه: سلاح العلم لين الكلمة.
ولقد أجاد من قال:
خذ العفو وأمر بعرف كما * أمرت وأعرض عن الجاهلين ولن في الكلام لكل الأنام * فمستحسن من ذوي الجاهلين