وحج في السنة التي قتل فيها، فدخل على أم سلمة رضي الله عنها، فلما قال:
أنا ميثم، قالت: سبحان الله، والله لربما سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوصي بك عليا في جوف الليل، فسألها عن الحسين بن علي (عليه السلام) فقال: هو في حائط له. قال: أخبريه أني قد أحببت السلام عليه، ونحن ملتقون عند رب العالمين إن شاء الله، ولا أقدر اليوم على لقائه، وأريد الرجوع.
فدعت بطيب فطيبت لحيته، فقال لها: أما إنها ستخضب بدم. قالت: من أنبأك بهذا؟ قال: أنبأني سيدي. فبكت أم سلمة وقالت: هو سيدي وسيد المسلمين أجمعين. ثم ودعته.
فقدم الكوفة فاخذ وادخل على ابن زياد وقيل له: هذا كان من آثر الناس عند أبي تراب، فأمر بحبسه وحبس معه المختار بن أبي عبيدة، فقال له ميثم وهما في حبسه: إنك تفلت وتخرج ثائرا بدم الحسين (عليه السلام) فتقتل هذا الجبار الذي نحن في سجنه، وتطأ بقدمك هذا على جبهته وخده.
فلما دعا ابن زياد بالمختار ليقتله طلع البريد بكتاب إليه يأمره بتخلية سبيله، وذلك أن أخته كانت تحت عبد الله بن عمر فسألت بعلها أن يشفع فيه إلى يزيد، فشفع، فكتب بتخلية المختار فأطلق سبيله، وأمر بميثم أن يصلب.
فلما رفع على الخشبة اجتمع الناس حوله على باب عمرو بن حريث، فقال عمرو: لقد كان يقول: إني مجاورك. فلما صلب يأمر جاريته كل عشية أن تكنس تحت خشبته وترشه وتجمره بمجمرة. فجعل ميثم يحدث بفضائل بني هاشم ومخازي بني أمية. فقيل لابن زياد: قد فضحكم هذا العبد. فقال: ألجموه. فألجم فكان أول خلق الجم في الإسلام، فلما كان في اليوم الثاني فاضت منخراه وفمه دما. فلما كان في اليوم الثالث طعن بحربة فمات. وكان قتل ميثم قبل قدوم الحسين (عليه السلام) العراق بعشرة أيام. إنتهى ملخصا. وتمامه في البحار (1). الإرشاد: