فجهل منه بمواقع الألفاظ، فإن كون النكاح مستعملا في عرف الشرع في العقد لا ينافي الحقيقة الأصلية ولا الاستعمال الشرعي فيها، وقد بينا وروده في الوطئ شرعا في قوله تعالى: ﴿فانكحوا﴾ (١) وقوله تعالى: ﴿فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره﴾ (٢) وقوله تعالى: ﴿فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن﴾ (٣). وقوله تعالى: ﴿وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله﴾ (٤) والتعليل يدل على إرادة الوطئ، وقوله تعالى: ﴿إن أراد النبي أن يستنكحها﴾ (٥) وقوله - عليه السلام -:
(تناكحوا تناسلوا) (٦) وغير ذلك مما لا يحصى كثرة.
وأما قوله: (والوطئ الحرام لا يطلق عليه في عرف الشرع اسم النكاح) وادعاء الإجماع عليه خطأ، ولهذا يقسم النكاح إلى محلل ومحرم في الشرع، ومورد القسمة مشترك بين الأقسام وصادق عليها، وإلا فليست الأقسام أقساما له، إذ مقتضى القسمة انضياف مشخصات أو مميزات متعاندة إلى طبيعة كلية، بحيث تكون تلك الطبيعة مع ذلك المميز أو المشخص نوعا أو صنفا أو شخصا معاندا للمركب من مقابله مع تلك الطبيعة الكلية المقسومة. وقوله تعالى: ﴿من قبل أن تمسوهن﴾ (7) نقول بموجبه، فإنا قد بينا استعمال النكاح في العقد شرعا إما حقيقة شرعية أو مجازا شرعيا. وأما استدلاله بقوله - عليه السلام -: (لا يحرم الحرام الحلال) (8) فغير دال على مطلوبه، فإن الحلال حقيقة هو المتصف بما رفع عنه الحرج في الحال، والمزني بها قبل عقد الأب والابن ليست حلالا لأحدهما وإنما تحل بالعقد، ونحن نقول: إنها لو كانت حلالا ثم زنى بها لم تحرم.