واختارته لم يجب عليه القبول، لأن ما كان من سبيل المعاوضة إذا لم يلزم من أحد الطرفين لم يلزم من الآخر. فيجب عليها قيمتها لسيدها، لأن أصول العقد على هذا، لأن كل من بذل عين ماله في مقابلة عوض، فإذا لم يسلم العوض وتعذر عليه الرجوع في المعوض عاد إلى بدل المعوض، ويعتبر قيمتها حين العتق، لأنه وقت التلف، فإن لم يتفقا على النكاح فله عليها قيمتها إن كانت موسرة استوفاه، وإلا أنظرها إلى اليسار، وإن اتفقا عليه فإن أمهرها غير قيمتها صح وكان لها عليه المسمى من المهر وله عليها قيمتها، فإن اتحد الجنس من الأثمان تقاصا، وإن أمهرها ماله في ذمتها من قيمتها فإن علما قدر القيمة صح، وإن جهلاها أو أحدهما بطل عند قوم، وهو الأقوى، لأن المهر قيمتها، وهو مجهول فلم يصح. وقال قوم: يصح كما لو أصدقها عبدا يجهلانه، وهذا الفرع لا يصح على أصلنا، لأنا حكمنا بصحة العقد، غير أنه إذا بدأ بالعتق وعقبه بلفظ التزويج لم يصح وتعلق به هذه الأحكام سواء، مثل أن يقول: أعتقتك وجعلت عتقك مهرك فإنه ينفذ العتق ولا ينعقد العقد، وإنما ينعقد إذا قال: تزوجتك وجعلت عتقك مهرك فيصح العقد وينفذ العتق (1).
وهذا الكلام يدل على اشتراط تقديم التزويج وإن كان قد صدر كلامه بتقديم العتق، فيحتمل أن يكون في الخلاف أيضا أراد ذلك. ورواية عبيد بن زرارة المتقدمة تدل على تسويغ تقديم العتق.
وفي رواية محمد بن آدم، عن الرضا - عليه السلام - في الرجل يقول لجاريته:
قد أعتقتك وجعلت صداقك عتقك، قال: جاز العتق، والأمر إليها إن شاءت زوجته نفسها وإن شاءت لم تفعل، فإن زوجته نفسها فأحب له أن يعطيها شيئا (2).