الثاني: ما لا ينتظر زواله عن قرب، كالمرض والحبس والغيبة.
أما المرض فإن منعه من الطلب والتوكيل فيه، لم تبطل شفعته.
وإن لم يمنعه عن التوكيل فأخر التوكيل مع إمكانه، بطلت شفعته - وهو أظهر مذاهب الشافعي - لأنه أخر الطلب مع إمكانه.
والثاني له: لا تبطل شفعته بترك التوكيل؛ لأنه قد يكون له غرض بأن يطالب بنفسه؛ لأنه أقوم بذلك، أو يخاف الضرر من جهة وكيله بأن يقر عليه فليزمه إقراره برشوة أو غير ذلك، فكان معذورا في تأخيرها.
والثالث: إن لم يلحقه في التوكيل منة ولا مؤونة ثقيلة (1)، بطلت، وإلا فلا (2).
والمعتمد ما قلناه.
نعم، لو خاف ضررا على ما قلناه أولا فأخر التوكيل، لم تبطل شفعته.
ولو لم يمكنه التوكيل ولا الطلب وأمكنه الإشهاد على الطلب، وجب عليه الإشهاد، فإن أهمل الإشهاد لغير عذر، بطلت شفعته عند بعض الشافعية؛ لأنه قد يترك الطلب للعذر وقد يتركه لغير عذر، فإذا لم يشهد لم يعلم أنه لعذر، فسقطت شفعته.
والثاني - وهو الأقوى عندي - أنه لا يحتاج إلى الإشهاد؛ لأنه إذا ثبت عذره، كان الظاهر أنه ترك الشفعة لأجل ذلك، فقبل قوله في ذلك (3).
وأما المحبوس فإن كان حبسه ظلما بغير حق أو بحق هو عاجز عنه، فحكمه كالمريض إن لم يمكنه التوكيل، لم تسقط شفعته. وإن أمكنه