الصابئون مجوس.
وقال الشافعي وجماعة من أهل العراق: حكمهم حكم المجوس. وقال بعض أهل العراق: حكمهم حكم النصارى. فأما نحن فلا نجاوز بإيجاب الجزية على غير من عددناه لسنة رسول الله (ص) فيهم والتوقيف الوارد عنهم في أحكامهم، وقد روي عن أمير المؤمنين أنه قال: المجوس إنما ألحقوا باليهود والنصارى في الجزية والديات لأنه قد كان لهم فيما مضى كتاب، فلو خلينا والقياس لكانت المانوية والمزدقية والديصانية عندي بالمجوسية أولى من الصابئين لأنهم يذهبون في أصولهم مذاهب تقارب المجوسية وتكاد تختلط بها، فأما المرقوسية والماهانية فإنهم إلى النصرانية أقرب من المجوسية لقولهم في الروح والكلمة والأقنوم بقول النصارى وإن كانوا يوافقون الثنوية في أصول أخر، وأما الكينونية فقولهم يقرب من النصرانية لا مثلهم في التثليث وإن كان أكثره أهل الدهر.
وأما السمتية فتدخل في حكم مشركي العرب وتضارع مذاهبها لقولها في التوحيد للبارئ وعبادتهم سواه تقربا إليه وتعظيما فيما زعموا من عبادة الخلق له وقد حكي عنهم ما يدخلهم في جملة الثنوية.
فأما الصابئون فمتفردون بمذاهبهم عمن عددناه لأن جمهورهم يوجد الصانع في الأزل، ومنهم من يجعله معه هيولى في القدم صنع منها العالم فكانت عندهم الأصل ويعتقدون في الفلك وما فيه الحياة والنطق وأنه المدبر لما في هذا العالم والدال عليه، وعظموا الكواكب وعبدوها من دون الله عز وجل، وسماها بعضهم ملائكة وجعلها بعضهم آلهة وبنوا لها بيوتا للعبادات، وهؤلاء على طريق القياس إلى مشركي العرب وعباد الأوثان أقرب من المجوس لأنهم وجهوا عبادتهم إلى غير الله سبحانه في التحقيق وعلى القصد والضمير وسموا من عداه من خلقه بأسمائه جل عما يقول المبطلون، والمجوس قصدت بالعبادة لله تعالى على نياتهم في ذلك وضمائرهم وعقودهم وإن كانت عبادة الجميع على أصولنا غير متوجهة في الحقيقة إلى القديم ولم يسموا من أشركوا بينه وبين الله عز وجل في القدم باسمه في معنى