وقد صرح في النهاية والمسالك - على ما حكي (1) -: بأن " اشتريت " ليس قبولا حقيقة، وإنما هو بدل، وأن الأصل في القبول " قبلت "، لأن القبول في الحقيقة ما لا يمكن الابتداء به، ولفظ " اشتريت " يجوز الابتداء به.
ومرادهما (2): أنه بنفسه لا يكون قبولا، فلا ينافي ما ذكرنا من تحقق مفهوم القبول فيه إذا وقع عقيب تمليك البائع، كما أن " رضيت بالبيع " ليس فيه إنشاء لنقل ماله إلى البائع إلا إذا وقع متأخرا، ولذا منعنا عن تقديمه.
فكل من " رضيت " و " اشتريت " بالنسبة إلى إفادة نقل المال ومطاوعة البيع عند التقدم والتأخر متعاكسان.
فإن قلت: إن الإجماع على اعتبار القبول في العقد يوجب تأخير قوله (3): " اشتريت " حتى يقع قبولا، لأن إنشاء مالكيته لمال الغير إذا وقع عقيب تمليك الغير له يتحقق فيه معنى الانتقال وقبول الأثر، فيكون " اشتريت " متأخرا التزاما بالأثر عقيب إنشاء التأثير من البائع، بخلاف ما لو تقدم، فإن مجرد إنشاء المالكية لمال لا يوجب تحقق مفهوم القبول، كما لو نوى تملك (4) المباحات أو اللقطة، فإنه لا قبول فيه رأسا.